إما أنها لم تحضر حتى أسلم زوجها، وإما أن الأمر فيها منسوخ بقوله تعالى:{وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ}[البقرة: ٢٢٨] ، يعني عدتهن، وهذا مما لا خلاف فيه، إن عنى به العدة.
قال الزهريُّ في قصة زينب هذه: كانت قبل أن تنزل الفرائض.
وقال قتادةُ: كان هذا قبل أن تنزل سورة براءة، بقطع العهود بينهم وبين المشركين.
فصل في المراد بالكوافر
المراد بالكوافر هنا: عبدة الأوثان، ومن لا يجوز ابتداء نكاحها.
وقيل: هي عامَّة، نسخ منها نساء أهل الكتاب، فعلى الأول إذا أسلم وثَنِيّ، أو مجُوسِيّ ولم تسلم امرأته فرق بينهما، وهو قول بعض أهل العلم، منهم مالك والحسن وطاووس ومجاهد وعطاء وعكرمة وقتادة والحكم، لقوله تعالى:{وَلَا تُمْسِكُواْ بِعِصَمِ الكوافر} .
وقال بعضهم: ينتظر بها تمام العدة، وهو قول الزهري والشافعي وأحمد، واحتجوا بأن أبا سفيان بن حرب، أسلم قبل هند بنت عتبة امرأته، وكان إسلامه ب «مر الظهران» ، ثم رجع إلى «مكة» وهند بها كافرة مقيمة على كفرها، فأخذت بلحيته، وقالت:[اقتلوا] الشيخ الضَّال، ثم أسلمت بعده بأيام، فاستقر على نكاحها، لأن عدتها لم تكن انقضت.
قالوا: ومثله حكيم بن حزام أسلم قبل امرأته، ثم أسلمت بعده، فكانا على نكاحها.
قال الشافعي رَحِمَهُ اللَّهُ: ولا حجة لمن احتج بقوله تعالى: {وَلَا تُمْسِكُواْ بِعِصَمِ الكوافر} ؛ لأن نساء المسلمين محرمات على الكفار، كما أن المسلمين، لا تحل لهم الكوافر والوثنيات والمجوسيات لقوله تعالى:{لَا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} ، ثم بينت السُّنَّة أن مراد الله من قوله هذا: أنه لا يحل بعضهم لبعض إلا أن يسلم الثاني منهما في العدة.
وقال أبو حنيفة وأصحابه في الكافر من الذميين: إذا أسلمت المرأة، عرض على الزوج الإسلام، فإن أسلم وإلا فرق بينهما.
قالوا: ولو كانا حربيين، فهي امرأته، حتى تحيض ثلاث حيض، إذا كانا جميعاً في