فنبههم على ترك المعصية في شرب الخمر دون سائر المعاصي؛ لأنها كانت شهوتهم وعادتهم، وإذا ترك المرء شهوته من المعاصي، هان عليه ترك سائرها مما لا شهوة له فيها.
فصل
» لما قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ في البيعة:« {وَلا يَسْرِقْنَ}{وَلَا يَزْنِينَ} ، قالت هند: يا رسول الله إنَّ أبا سفيان رجل مسِّيك، فهل عليَّ حرج إن أخذت ما يكفيني وولدي؟ فقال:» لا، إلَاّ بالمعرُوفِ «، فخشيت هند أن تقتصر على ما يعطيها، فتضيع، أو تأخذ أكثر من ذلك، فتكون سارقة ناكثة للبيعة المذكورة، فقال لها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ذلك» ، أي: لا حرج عليك فيما أخذت بالمعروف، يعني: من غير استطالة إلى أكثر من الحاجة.
قال ابن العربي رَحِمَهُ اللَّهُ:«وهذا إنما هو فيما لا يخزنه عنها في حجاب، ولا يضبط عليه بقفل، فإنه إذا هتكته الزوجة وأخذت منه [كانت] سارقة تعصي بها، وتقطع يدها» .
فصل في الكلام على الآية
فإن قيل: هلَاّ قيل: إذا جاءك المؤمنات فامتحنوهن، كما قال في المهاجرات؟ .
فالجواب من وجهين: أحدهما: أن الامتحان حاصل بقوله تعالى: {على أَن لَاّ يُشْرِكْنَ} إلى آخره.
وثانيهما: أن المهاجرات يأتين من دار الحرب فلا اطلاع للمبايع على ما في قلبها، فلا بد من الامتحان، وأما المؤمنات، فهن في دار الإسلام، وعلمن الشرائع، فلا حاجة إلى الامتحان مع ظاهر حالها.
فإن قيل: ما الفائدة في تقديم البعض في الآية على البعض وترتيبها؟ .
فالجواب: قدم الأقبح على ما هو الأدنى منه في القبح، ثم كذلك إلى آخره، وقدم في الأشياء المذكورة على ما هو الأظهر فيما بينهم.
فصل
قال عبادةُ بن الصامت:«أخذ علينا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كما أخذ على النساء: أنْ لا تُشرِكُوا باللَّه شَيْئاً ولا تَسْرقُوا ولا تزْنُوا ولا تقتلُوا أوْلادكُمْ، ولا يعضه بعضُكُمْ بعضاً، ولا تَعْصُوا في مَعْرُوفٍ آمُرُكمْ بِهِ» .