فقوله:{غضب الله عليهم} صفة ل «قوماً» ، وكذلك:«قَدْ يَئِسُوا» وقوله: {مِنَ الآخرة} .
«مِنْ» لابتداء الغاية، أيضاً كالأولى أي: أنهم لا يوقنون [بالآخرة ألبتة] .
و {مِنْ أَصْحَابِ القبور} . فيه وجهان:
[أحدهما: أنها لابتداء الغاية أيضاً كالأولى، والمعنى: أنهم لا يوقنون ببعث الموتى ألبتة، فيأسهم من الآخرة من موتاهم] لاعتقادهم عدم بعثهم.
والثاني: أنها لبيان الجنس، يعني: أن الكفار هم أصحاب القبور.
والمعنى: أنَّ هؤلاء يئسوا من الآخرة كما يئس الكفار الذين هم أصحاب القبور من خير الآخرة، فيكون متعلق «يئس» الثاني محذوفاً.
وقرأ ابن أبي الزِّناد:«الكافر» ب «الإفراد» .
فصل في نزول الآية
قال ابنُ زيدٍ: إنَّ ناساً من فقراء المسلمين كانوا يخبرون اليهود بأخبار المؤمنين، ويواصلونهم، فيصيبون بذلك من ثمارهم، فنهوا عن ذلك، {قَدْ يَئِسُواْ مِنَ الآخرة} يعني: اليهود قد يئسوا من الآخرة بأن يكون لهم فيها ثواب وخير، {كَمَا يَئِسَ الكفار مِنْ أَصْحَابِ القبور} أي: يئس الكفار الذين ماتوا وصاروا إلى القبور من أن يكون لهم ثواب وحظ في الآخرة.
وقال مجاهد: الكفار حين دخلوا قبورهم يئسوا من رحمة الله.
وقيل: هم المنافقون.
وقال الحسن وقتادة: هم اليهود والنصارى.
وقال ابن مسعودٍ: معناه: أنهم تركوا العمل للآخرة، وآثروا الدنيا.
وقال الحسنُ وقتادةُ: معناه: أن الكُفَّار الذين هم أحياء، يئسوا من الكفار ومن أصحاب القبور أن يرجعوا إليهم.
وقيل: إن الله - تعالى - ختم السورة بما بدأها من ترك موالاة الكفار، وهي خطاب لحاطب بن أبي بلتعةَ وغيره.