فالجواب: يمكن أن يكون المراد من هذه الآية المنافقين وهم الذين آمنوا في الظاهر، ويمكن أن يكون أهل الكتاب، وهم اليهود والنصارى فإنهم آمنوا بالكتب المتقدمة.
فكأنه قال: يا أيها الذين آمنوا بالكتب المتقدمة آمنوا بالله وبمحمد، ويمكن أن يكون أهل الإيمان كقوله تعالى:{فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً}[التوبة: ١٢٤] ، أو يكون المراد الأمر بالثبات على الإيمان، كقوله:{يُثَبِّتُ الله الذين آمَنُواْ بالقول الثابت}[إبراهيم: ٢٧] . فإن قيل: كيف ترجى النجاة إذا آمن بالله ورسوله ولم يجاهد في سبيل الله وقد علق بالمجموع؟ .
فالجواب: أن هذا المجموع هو الإيمان بالله ورسوله والجهاد بالنفس والمال في سبيل الله خير في نفس الأمر.
قوله:{بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ} .
قال القرطبي: ذكر الأموال أولاً، لأنها التي يبدأ بها في الإنفاق، «ذَلِكُمْ» أي: هذا الفعل {خَيْرٌ لَّكُمْ} من أموالكم وأنفسكم، {إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} أنه خير لكم.
قوله:{يَغْفِرُ لَكُمْ} فيه أوجه:
أحدها: أنه مجزوم على جواب الخبر بمعنى الأمر، كما تقدم.
والثاني: أنه مجزوم على جواب الاستفهام، كما قاله الفراء.
الثالث: أنه مجزوم بشرط مقدر، أي: إن تؤمنوا يغفر لكم.
قال القرطبي:«وأدغم بعضهم، فقرأ:» يَغْفر لَكُمْ «، والأحسن ترك الإدغام لأن الراء حرف متكرر قويّ فلا يحسن الإدغام في اللام؛ لأن الأقوى لا يدغم في الأضعف» .
قوله:{وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً} .
روى الحسنُ قال:«سألت عمران بن حصينٍ وأبا هريرة عن قوله تعالى: {وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً} ، فقالا: على الخبير [سقطت] ، سألنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عنها فقال:» قَصْرٌ مِن لُؤلُؤة في الجنَّةِ، في ذلِكَ القصْرِ سَبْعُونَ داراً من ياقُوتةٍ حَمْراءَ، فِي كُل دَار سَبْعُونَ بَيْتاً