أحدهما: أنها داخلةٌ لما تضمنه الاسم من معنى الشرط، وحكم الموصوف بالموصول حكم الموصول في ذلك.
قال الزجاج: ولا يقال: إنَّ زيداً فمنطلق، وهاهنا قال:«فإنَّهُ مُلاقِيكُمْ» لما في معنى «الذي» من الشرط والجزاء، أي: فررتم منه فإنه ملاقيكم، وتكون مبالغة في الدلالة على أنه لا ينفع الفرار منه.
الثاني: أنها مزيدة محضة لا للتضمين المذكور.
وأفسد هؤلاء القول الأول بوجهين:
أحدهما: أن ذلك إنما يجوز إذا كان المبتدأ أو اسم إن موصولاً، واسم «إن» هنا ليس بموصول، بل موصوفاً بالموصول.
والثاني: أن الفرار من الموت لا ينجي منه فلم يشبه الشرط يعني أنه متحقق فلم يشبه الشرط الذي هو من شأنه الاحتمال.
وأجيب عن الأول: بأن الموصوف مع صفته كالشيء الواحد؛ ولأن «الذي» لا يكون إلا صفة، فإذا لم يذكر الموصوف دخلت الفاء، والموصوف مراد، فكذلك إذا صرح بها.
وعن الثاني: بأن خلقاً كثيراً يظنون أن الفرار من أسباب الموت ينجيهم إلى وقت آخر.
وجوز مكي: أن يكون الخبر قوله: {الذي تَفِرُّونَ مِنْهُ} وتكون الفاء جواب الجملة قال: كما تقول: «زيد منطلق فقم إليه» .
وفيه نظر؛ لأنها لا ترتب بين قوله:{إِنَّ الموت الذي تَفِرُّونَ مِنْهُ} وبين قوله {فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ} فليس نظيراً لما مثله.
قال القرطبي: ويجوز أن يتم الكلام عند قوله: {الذي تَفِرُّونَ} ثم يبدأ بقوله {فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ} .