للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وخطب، وهي أول جمعة خطبها بالمدينة، وقال فيها:» الحَمْدُ لِلَّهِ، أحْمَدهُ، وأسْتَعينُهُ، وأسْتَغفِرُهُ، وأسْتَهْدِي بِهِ، وأومِنُ بِهِ، ولا أكْفُرُهُ، وأعَادِي من يَكْفُرُ بِهِ، وأشْهَدُ ألا إلهَ إلَاّ اللَّهُ وحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وأشْهَدُ أنَّ مُحَمداً عَبْدُهُ ورسُولهُ، أرْسلَهُ اللَّهُ بالهُدَى ودَيِنِ الحَقِّ ليظهره على الدين كله والنُّورِ والمَوعِظَةِ والحِكْمَةِ، على فَتْرَة مِنَ الرُّسُلِ، وقلَّةِ العِلْمِ وضَلالةٍ مِنَ النَّاسِ، وانقِطاعٍ مِنَ الزَّمانِ، ودُنُوٍّ مِنَ السّاعةِ، وقُرْبٍ مِنَ الأَجَلِ؛ مَن يُطِع الرَّسُول فَقَدْ رَشَدَ ومن يَعْصِي اللَّهَ ورسُولَهُ فَقَدْ غَوَى وفرَّطَ وضَلَّ ضلالاً بَعِيداً. وأوصِيكُمْ بتَقْوَى اللَّهِ فإنَّهُ خَيْرُ ما أوصيكم وخير ما أوصى بِهِ المُسْلِمُ المُسْلِمَ أنْ يَحُضَّهُ على الآخِرةِ وأنْ يأمرهُ بتَقْوَى اللَّهِ، واحْذَرُوا ما حذَّرَكُمُ اللَّهُ من نَفْسِهِ، فإنَّ تَقْوَى اللَّهِ مِنْ عَمِلَ بِهِ على وجَلٍ ومخَافَةٍ من ربِّهِ عُنْوانُ صِدْقٍ عَلَى مَا تَبْغُونَ مِنَ الآخِرةِ ومَن يُصْلِح الذي بَيْنَهُ وبَيْنَ اللَّهِ مِنْ أمْرِهِ في السِّرِّ والعَلانِيَةِ لا يَنْوِي بِهِ إلَاّ وجْهَ اللَّهِ يَكُنْ لَهُ ذِكْراً في عَاجل أمْرِهِ وذُخْراً فِيمَا بَعْدَ المَوْتِ حِينَ يَفْتَقِرُ المَرْءُ إلى ما قدَّم ومَا كَانَ ممَّا سِوَى ذلك {تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدَاً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ الله نَفْسَهُ والله رَؤُوفٌ بالعباد} [آل عمران: ٣٠] .

هُوَ الَّذي صدقَ قولهُ، وأنجَزَ وعْدَهُ، لا خُلْفَ لذَلِكَ فإنَّه يقولُ: {مَا يُبَدَّلُ القول لَدَيَّ وَمَآ أَنَاْ بِظَلَاّمٍ لِّلْعَبِيدِ} [سورة ق: ٢٩] .

فاتَّقُوا اللَّهِ في عاجلِ أمْركُمْ وآجلهِ، فِي السِّرِّ والعلانيةِ، فإنَّهُ {وَمَن يَتَّقِ الله يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً} [الطلاق: ٥] .

ومَنَ يتَّقِ اللَّهَ فقد فَازَ فَوْزاً عَظِيماً.

وإنَّ تَقْوَى اللَّهِ تُوقِي مقْتَهُ وتُوقِي عُقوبتَهُ وتُوقِي سُخْطَهُ، وإنَّ تَقْوَى اللَّه تُبَيِّضُ الوُجُوه وتُرْضي الرَّبَّ، وترفعُ الدَّرجة، فخُذُوا حِذْركُمْ ولا تُفَرِّطُوا في جَنْب اللَّهِ فقدْ عَلَّمَكُمْ في كتابهِ ونَهَجَ لَكُمْ سبيلهُ، ليَعْلَمَ الَّذينَ صَدَقُوا وليَعْلَمَ الكَاذِبِينَ، فأحْسِنُوا كَمَا أحسن اللَّهُ إليْكُمُ، وعادُوا أعْدَاءهُ، وجَاهِدُوا في اللَّهِ حقَّ جِهَادِهِ هُو اجتبَاكُمْ وسمَّاكُمُ المُسلِمينَ، {لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ ويحيى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ} [الأنفال: ٤٢] ، ولا حَولَ ولا قُوَّة إلَاّ باللَّهِ العليِّ العظيم، فأكْثِرُوا من ذِكْرِ اللَّهِ تعالى واعْمَلُوا لِمَا بَعْدَ المَوْتِ، فإنَّه من يُصْلِحْ ما بَيْنَهُ وبَيْنَ اللَّهِ يَكْفِهِ اللَّهِ مَا بَيْنَه وبيْنَ النَّاسِ، ذلِكَ بأنَّ اللَّهِ يَقْضِي بَيْنَ النَّاسِ ولا يَقْضُون عليْهِ، ويَمْلِكُ مِنَ النَّاسِ ولا يَمْلِكُونَ مِنْهُ، اللَّهُ أكبرُ، ولا حَوْلَ ولا قُوَّةَ إلَاّ باللَّهِ العَلِيِّ العَظِيمِ «.

فصل في خطاب الله للمؤمنين

خاطب اللَّهِ المؤمنين بالجمعة دون الكافرين تشريفاً لهم وتكريماً، فقال: {يا أيها

<<  <  ج: ص:  >  >>