فهل يحتمل السعي في هذا البيت المضي والانكماش، ومحال أن يخفى هذا المعنى على ابن مسعود وعلى فصاحته وإتقان عربيته.
قال القرطبي: وما يدلّ على أن المراد هنا العدو، قوله - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ -: «إذَا أقِيمَتِ الصَّلاةُ فَلَا تَأتُوهَا وأنتُمْ تَسْعونَ ولكِن ائْتُوهَا وعَليْكُمُ السَّكِينَةُ» .
قال الحسنُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه: أما والله ما هو بالسَّعْي على الأقدام، ولقد نهوا أن يأتوا الصَّلاة إلا وعليهم السكينة والوقار، ولكن بالقلوب والنية والخشوع.
وقال قتادة: السعي أن تسعى بقلبك وعملك.
فصل في أن الآية خطاب للمكلفين
هذه الآية خطاب للمكلفين [بالإجماع] ويخرج منه المرضى والزمنى والمسافرون والعبيد والنساء بالدليل والعميان والشيخ الذي لا يمشي إلا بقائد عند أبي حنيفة.
لما روى الدارقطني عن أبي الزبير عن جابر «أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قال» مَنْ كَانَ يُؤمِنُ باللَّهِ واليَوْمِ الآخِرِ فَعليْهِ الجُمُعة يَوْمُ الجُمُعةِ إلَاّ مَريضٌ أو مُسافِرٌ أو امْرَأةٌ أوْ صَبِيٌّ أو مَمْلوكٌ، فمن اسْتَغْنَى بِلَهْوٍ أو تجارة اسْتَغْنَى اللَّهُ - عزَّ وجلَّ - عَنْهُ، واللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ «.
قال العلماء رَضِيَ اللَّهُ عَنْهم: لا يتخلف أحد عن الجمعة ممن عليه إتيانها إلا بعذر لا يمكنه معه الإتيان إليها كالمرض الحابس أو خوف الزيادة في المرض أو خوف جور