قال ابن العربي: والصحيح أنه واجب في الجميع؛ لأنها تحرم البيع، ولولا وجوبها ما حرمته؛ لأن المُستحبَّ لا يحرم المباح.
قال القرطبي: وإذا قلنا: إنَّ المراد بالذِّكر الصَّلاة فالخطبة من الصَّلاة، والعبد يكون ذاكراً لله بقلبه كما يكون مسبحاً لله بفعله.
قال الزمخشري:«فإن قلت: كيف يفسر ذكر الله بالخطبة وفيها غير ذلك؟ .
قلت: ما كان من ذكر رسول الله والثناء عليه وعلى خلفائه الراشدين وأتقياء المؤمنين والموعظة والتذكير، فهو في حكم ذكر الله، فأما ما عدا ذلك من ذكر الظلمة وألقابهم والثناء عليهم والدعاء لهم وهم أحقاء بعكس ذلك» .
فصل في السفر يوم الجمعة
ذهب بعضهم إلى أنه إذا أصبح يوم الجمعة مقيماً فلا يسافر حتى يصلي الجمعة، وذهب بعضهم إلى الجواز، لما روى ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما قال:
«بعث النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عبد الله بن رواحة في سرية فوافق ذلك يوم الجمعة، فغدا أصحابه وقال أتخلف فأصلي مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ثم ألحقهم، فلما صلى مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ رآه فقال:» مَا مَنَعَكَ أن تَغْدُوَ مَعَ أًصْحَابِكَ «، قال: أردت أن أصلي معك ثم ألحقهم، فقال:» لَوْ أنفقْتَ مَا فِي الأرْضِ مَا أدْرَكْتَ «. فصلى غدوتهم» .
وسمع عمر بن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْه رجلاً عليه أهبة السفر، يقول: لولا أن اليوم الجمعة لخرجت، فقال له عمر: اخرج فإن الجمعة لا تحبس عن سفرٍ.
قوله:{وَذَرُواْ البيع} .
يدل على تحريم البيع في وقت الجمعة على من كان مخاطباً بفرضها، والبيع لا