للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قال ابن الخطيب: فإن قيل: ما الفرق بين ذكر الله أولاً وذكر الله ثانياً؟ .

فالجواب: أن الأول من جملة ما لا يجتمع مع التجارة أصلاً إذ المراد منه الخطبة والصلاة والثاني من جملة ما يجتمع مع التجارة كما في قوله تعالى: {رِجَالٌ لَاّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ الله} [النور: ٣٧] .

قوله: {وَإِذَا رَأَوْاْ تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انفضوا إِلَيْهَا} .

روى مسلم عن جابر بن عبد الله أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كان يخطب قائماً يوم الجمعة فجاءت عير من «الشام» فانفتل الناس إليها حتى لم يبق إلا اثني عشر رجلاً، وفي رواية: أنا فيهم، فنزلت هذه الآية: {وَإِذَا رَأَوْاْ تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انفضوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَآئِماً} .

وذكر الكلبي: أن الذي قدم بها دحية بن خليفة الكلبي من «الشام» في مجاعةٍ وغلاء سعر وكان معه جميع ما يحتاج إليه الناس من برّ ودقيق وغيره فنزلت عند أحجار الزيت وضرب بالطبل ليعلم الناس بقدومه فخرج الناس إلا اثني عشر رجلاً وقيل إلا أحد عشر رجلاً وحكى البغوي قال: فلما رأوه قاموا إليه خشية أن يسبقوا إليه قال الكلبي وكانوا في خطبة الجمعة فانفضوا إليه وبقي مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ثمانية رجال حكاه الثعلبي عن ابن عباس وذكر الدارقطني من حديث جابر قال: بينما رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يخطب يوم الجمعة إذ أقبلت عير تحمل الطعام حتى نزلت بالبقيع فالتفتوا إليها وتركوا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ليس معه إلاّ أربعين رجلاً أنا منهم قال: وأنزل الله تعالى على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ {وإذا رأوا تجارة أو لهواً انفضوا إليها وتركوك قائماً} قال الدارقطني لم يقل في هذا الآثار إلاّ أربعين رجلاً غير علي بن عاصم بن حصين وخالفه أصحاب حصين فقالوا لم يبق مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إلاّ اثني عشر رجلاً. واحتج بهذا الحديث من يرى أن الجمعة تنعقد باثني عشر رجلاً وليس فيه بيان أنه أقام بهم الجمعة وذكر الزمخشري أن النبي صلى الله عيله وسلم قال:

«والذي نفسي بيده لو خرجوا جميعاً لأضرم الله عليهم الوادي ناراً» .

وروي في حديث مرسل عن أسد بن عمرو والد أسد بن موسى بن أسد وفيه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لم يبق معه إلا أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وسعد بن أبي وقاص وعبد الرحمن بن عوف وأبو عبيدة عامر بن الجراح وسعيد بن زيد وبلال وعبد الله بن مسعود في إحدى الروايتين وفي الرواية الأخرى عمار بن ياسر قال القرطبي ولم يذكر جابراً وذكر مسلم أنه كان فيهم والدارقطني أيضاً فيكونون ثلاثة عشر وإن كان عبد الله بن مسعود بينهم فهم أربعة عشر.

<<  <  ج: ص:  >  >>