قال القرطبي:«هذا يدل على وجوب تعجيل إخراج الزَّكاةِ ولا يجوزُ تأخيرها أصلاً وكذلك سائر العبادات إذا دخل وقتها» .
قال ابن الخطيب: وبالجملة فقوله: {لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ الله} تنبيه على المحافظة على الذِّكرِ قبل المَوْتِ. وقوله:{وَأَنفِقُواْ مِن مَّا رَزَقْنَاكُمْ} : تنبيه على الشكر كذلك.
قوله:{فَيَقُولُ رَبِّ لولا أخرتنيا} .
أي: هلَاّ أخَّرتَنِي.
وقيل:«لا» صلة، فيكونُ الكلامُ بمعنى التَّمنِّي.
أي لو أخرتني إلى أجل قريب فنسأل الرجعة إلى الدنيا لنعمل صالحاً.
روى الترمذي عن الضحاك بن مزاحم عن ابن عباس قال:«مَنْ كَانَ لَهُ مالٌ يُبلِّغهُ حَجَّ بَيْتِ ربِّهِ أو يَجبُ عليهِ فِيهِ زكاةٌ فَلمْ يَفْعَلْ، سَألَ الرَّجْعَةَ عِنْدَ الموْتِ، فقال رجُلٌ: يا ابْنَ عبَّاسٍ، اتَّق اللَّهِ، إنَّما سأل الرَّجعة الكُفَّارُ، فقال: سأتلُو عليْكَ بذلك قرآناً {يا أيها الذين آمَنُواْ لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ الله} إلى قوله {والله خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} قال: فما يوجبُ الزَّكاة؟ قال: إذا بلغ المال مائتين فصاعداً، قال: فما يوجبُ الحجَّ؟ قال: الزادُ والراحلةُ» .
قال القرطبيُّ: ذكره الحليمي في كتاب «منهاج الدين» مرفوعاً، فقال: وقال ابن عبَّاس قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «مَنْ كَانَ عِنْدهُ مالٌ يُبلِّغهُ الحَجَّ» الحديث.
قال ابنُ العربيِّ: «أخذ ابنُ عباس بعموم الآية في إنفاق الواجب خاصة دون النفلِ، فأما تفسيره بالزَّكاةِ فصحيح كلُّه عموماً وتقديراً بالمائتين.
وأما القولُ بالحج ففيه إشكالٌ؛ لأننا إن قلنا: الحج على التراخي ففي المعصية بالموتِ قبل الحج خلافٌ بين العلماءِ، فلا تخرج الآية عليه.
وإن قلنا: الحج على الفور فالعمومُ في الآية صحيحٌ لأنَّ من وجب عليه الحج فلم