للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وقد يأتي الواحد بمعنى الجمع، فيكون اسماً للجنس، وقد يأتي الجمع بمعنى الواحد كقوله تعالى: {مَا هذا بَشَراً} [يوسف: ٣١] .

قوله: «فَكَفَرُوا» أي: بهذا القول إذ قالوه استصغاراً، ولم يعلموا أن الله يبعث من يشاء إلى عباده.

فصل

فإن قيل: قوله «فَكَفَرُوا» يفهم منه التولي، فما الحاجة إلى ذكره؟ فالجواب: قال ابن الخطيب: إنهم كفروا وقالوا: {أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا} وهذا في معنى الإنكار والإعراض بالكلية، وهذا هو التولي، فكأنهم كفروا وقالوا قولاً يدلّ على التولي، فلهذا قال: {فَكَفَرُواْ وَتَوَلَّواْ} .

وقيل: كفروا بالرسل وتولوا عن البرهان وأعرضوا عن الإيمان والموعظة.

قوله: {واستغنى الله} استغنى بمعنى المجرد.

وقال الزمخشري: «ظَهَر غناه» ، فالسين ليست للطلب.

قال مقاتل: استغنى الله، أي: بسلطانه عن طاعة عباده.

وقيل: استغنى الله، أي: بما أظهره لهم من البرهان، وأوضحه لهم من البيان عن زيادة تدعو إلى الرشد، وتعود إلى الهداية {والله غَنِيٌّ حَمِيدٌ} غنيٌّ عن خلقه حميد في أفعاله.

فإن قيل: قوله: {وَتَوَلَّواْ واستغنى الله} يوهم وجود التولّى والاستغناء معاً، والله تعالى لم يزل غنيًّا؟ .

فأجاب الزمخشري: بأن معناه أنه ظهر استغناء الله حيث لم يلجئهم إلى الإيمان ولم يضطرهم إليه مع قدرته على ذلك.

ثم أخبر عن إنكارهم للبعث فقال - عَزَّ وَجَلَّ -:

{زَعَمَ الذين كفروا أَن لَّن يُبْعَثُواْ} أي: ظنوا، والزعم هو القول بالظن.

وقال الزمخشري: الزعم ادِّعاء العلم، ومنه قوله - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ -: «زَعَمُوا مطيَّة الكَذِب» .

<<  <  ج: ص:  >  >>