الثالث: أنه خطاب لأمته فقط بعد ندائه - عليه الصَّلاة والسلام - وهو من تلوين الخطاب، خاطب أمته بعد أن خاطبه.
الرابع: أنه على إضمار قول، أي: يا أيها النبي قل لأمتك إذا طلقتم النساء.
قال القرطبي: قيل: إنه خطاب للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ والمراد أمته، وغاير بين اللفظين من حاضر وغائب، وذلك لغة فصيحة، كقوله:{إِذَا كُنتُمْ فِي الفلك وَجَرَيْنَ بِهِم}[يونس: ٢٢] ، والتقدير: يا أيها النبي قل لهم: إذا طلقتم النساء، فطلقوهن لعدتهن، وهذا هو قولهم: إن الخطاب له وحده، والمعنى له وللمؤمنين، وإذا أراد الله بالخطاب المؤمنين لاطفه بقوله:{يا أيها النبي} ، وإذا كان الخطاب باللفظ والمعنى جميعاً له قال:{يا أيها الرسول} .
قال القرطبي: ويدلّ على صحة هذا القول نزول العدة في أسماء بنت يزيد بن السكن الأنصارية.
روى أبو داود: أنها طُلِّقت على عهد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ولم يكن للمطلَّقة عدّة، فأنزل الله - تعالى - العِدّة للطلاق حين طُلقت أسماء، فكانت أولَّ من أُنزل فيها العدة للطلاق.
الخامس: قال الزمخشري: «خصّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بالنداء وعمّ بالخطاب؛ لأن النبي إمام أمته وقدوتهم كما يقال لرئيس القوم وكبيرهم: يا فلان افعلوا كيت وكيت اعتباراً لتقدمه وإظهاراً لترؤسه» في كلامٍ حسنٍ.
وهذا هو معنى القول الثالث المتقدم.
قال القرطبي: وقيل: المراد به نداء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ تعظيماً له، ثم ابتدأ:{إذا طلّقتم النساء} ، كقوله تعالى:{يا أيها الذين آمَنُواْ إِنَّمَا الخمر والميسر والأنصاب والأزلام}[المائدة: ٩٠] الآية فذكر المؤمنين تكريماً لهم، ثم افتتح فقال:{إِنَّمَا الخمر والميسر والأنصاب والأزلام}[المائدة: ٩٠] الآية.