قياساً على الإطعام الواجب في الكفارة. والصواب المقطوع به ما عليه الأمة علماً وعملاً قديماً وحديثاً لقول الله تعالى:{رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بالمعروف}[البقرة: ٢٣٣] ، وقوله - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ - لهند:«خُذِي مَا يَكْفيكِ وَولدَكِ بالمَعْرُوفِ» ، ولم يقدر لها نوعاً ولا قدراً، ولو كان ذلك مقدّراً بشرع لبينه لها قدراً ونوعاً كما بين فرائض الزكوات والديات.
وقال - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ - في خطبته ب «عرفات» : «ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف» .
ومن المعلوم أن الكفاية بالمعروف تتنوع بحال الزوجة في حاجتها، وبتنوع الزمان والمكان وبتنوع حال الزوج في يساره وإعساره، فليست كسوة القصيرة الضئيلة ككسوة الطويلة الجسيمة، ولا كسوة الشتاء ككسوة الصيف ولا كفاية طعام الشتاء مثل طعام الصيف ولا طعام البلاد الحارَّة كالباردة، ولا المعروف في بلاد التمر والشعير كالمعروف في بلاد الفاكهة والخبز.
قال» تُطْعِمُها إذَا أكَلْتَ، وتَكسُوهَا إذَا اكتَسيْتَ، ولا تَضْرِبِ الوَجْهَ ولا تُقَبِّحْ ولا تَهْجُر إلَاّ في البيْتِ «» .
وهكذا قال في نفقة المماليك:«هُمْ إخْوانُكُمْ وخَولكُمْ جعلهُم اللَّهُ تَحْتَ أيْدِيكُمْ فَمَن كَانَ أخُوهُ تَحْتَ يَدهِ فليُطْعِمْهُ ممَّا يأكلُ، وَليُلْبِسْهُ ممَّا يَلبسُ ولا تُكلِّفُوهُمْ ما يَغلبُهُمْ فإن كلَّفْتُموهُمْ فأعينُوهُمْ» .
ففي الزوجة والمملُوك أمر واحد، فالواجب على هذا هو الرزق والكسوة بالمعروف في النوع، والقدرة، وصفة الإنفاق.
فأما النوع فلا يتعين أن يعطيها مكيلاً كالبُرِّ، ولا موزوناً كالخبز، ولا ثمن ذلك كالدَّراهم، بل يرجع في ذلك إلى العرف، فإذا أعطاها كفايتها بالمعروف مثل أن تكون عادتهم أكل التَّمْر والشعير فيعطيها ذلك، أو تكون عادتهم أكل الخبز والأدم، فيعطيها ذلك والطبيخ، فيعطيها ذلك، وإن كان عادتهم أن يعطيها حباً فتطحنه في البيت فعل