وقال الضحاك:{وَمِنَ الأرض مِثْلَهُنَّ} أي: سبعاً من الأرضين، ولكنها مطبقة بعضها فوق بعض من غير فُتُوق بخلاف السماوات.
قال القرطبي: والأول أصحّ؛ لأن الأخبار دالة عليه كما روى البخاري وغيره، روى أبو مروان عن أبيه:«أن كعباً حلف له بالله الذي فلق البحر لموسى أن صهيباً حدثه أن محمداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لم ير قرية يريد دخولها إلا قال حين يراها:» اللَّهُمَّ ربَّ السَّمواتِ السَّبعِ ومَا أظْللْنَ، وربَّ الأرضينَ السَّبْعِ وما أقْلَلْنَ، وربَّ الشَّياطينِ وما أضللنَ، وربَّ الرِّياحِ وما أذررْنَ، إنَّا نَسْألُكَ خَيْر هذهِ القريةِ وخَيْرَ أهْلِهَا، ونَعُوذُ بِكَ من شرِّها وشرِّ أهلهَا، ومن شرِّ مَنْ فيهَا «» .
وروى مسلم عن سعيد بن زيد قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يقول: «مَن ظَلَمَ قِيْدَ شِبْرٍ مِنَ الأرْضِ طُوِّقه يَوْمَ القيامَةِ من سَبْعِ أرضينَ» .
قال الماوردي: وعلى أنها سبع أرضين تختص دعوة أهل الإسلام بإهل الأرض العليا ولا يلزم فيمن غيرها من الأرضين وإن كان فيها من يعقل من خلق مميز، وفي مشاهدتهم السماء واستمدادهم الضوء منها قولان:
أحدهما: أنهم يشاهدون من كل جانب من أرضهم، ويستمدّون الضياء منها، وهذا قول من جعل الأرض مبسوطة. والثاني: أنهم لا يشاهدون السماء، وأن الله تعالى خلق لهم ضياء يشاهدونه، وهذا قول من جعل الأرض كرة.
وحكى الكلبي عن أبي صالحٍ، عن ابن عباس: أنها سبع أرضين منبسطة ليس بعضها فوق بعض يفرق بينها البحار، وتظل جميعهم السماء، فعلى هذا إن لم يكن لأحد من أهل الأرض وصول إلى أرض أخرى اختصت دعوة الإسلام بأهل هذه الأرض، وإن كان لقوم منهم وصول إلى أرض أخرى، احتمل أن يلزمهم دعوة الإسلام لإمكان الوصول إليهم لأن فصل البحار إذا أمكن سلوكها لا يمنع من لزوم ما عم حكمه، واحتمل ألا يلزمهم دعوة الإسلام؛ لأنها لو لزمتهم لكان النصُّ بها وارداً، ولكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مأموراً بها.
قال بعض العلماء: السماء في اللغة عبارة عما علاكَ، ففلك القمر بالنسبة إلى السماء الثانية أرض، وكذلك السماء الثانية بالنسبة إلى الثالثة أرض وكذلك البقية بالنسبة