للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

{وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ} ، تكرماً منه وحلماً، واختاره أبو عبيد وأبو حاتم يدل عليه قوله تعالى: {وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ} ، أي: لم يعرفها إياه، ولو كانت مخففة لقال في ضده: وأنكر بعضاً.

وأما التخفيف: فمعناه جازى على بعضه، وأعرض عن بعض.

قال الفرَّاءُ: وتأويل قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: «عَرَفَ» بالتخفيف، أي: غضب فيه، وجازى عليه، كقولك لمن أساء إليك: «لأعرِفنَّ لك ما فعلت» أي: لأجَازِينَّك عليه.

فصل في نزول الآية

قال المفسرون: إنه أسرَّ إلى حفصة شيئاً فحدثت به غيرها، فطلقها مجازاة على بعضه، ولم يؤاخذها بالباقي، وهو من قبيل قوله تعالى: {وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ الله} [البقرة: ١٩٧] أي: يجازيكم عليه، وقوله: {أولئك الذين يَعْلَمُ الله مَا فِي قُلُوبِهِمْ} [النساء: ٦٣] ، وإنما اضطررنا إلى هذا التأويل؛ لأن الله - تعالى - أطلعه على جميع ما أنبأت به غيرها؛ لقوله تعالى: {وَأَظْهَرَهُ الله عَلَيْهِ} .

وقرأ عكرمة: «عَرَّافَ» بألف بعد الراء.

وخرجت على الإشباع، كقوله: [الرجز]

٤٧٨٥ - أعُوذُ باللَّهِ مِنَ العَقْرَابِ ... وقيل: هي لغة يمانية، يقولون: «عراف زيد عمراً» .

وإذا ضمنت هذه الأفعال الخمسة معنى «أعلم» تعدت لثلاثة.

وقال الفارسي: «تعدَّت بالهمزة أو التضعيف» .

وهو غلط، إذا يقتضي ذلك أنها قبل التضعيف، والهمزة كانت متعدية لاثنين، فاكتسبت بالهمزة، أو التضعيف ثالثاً، والأمر ليس كذلك اتفاقاً.

فصل في تفسير الآية

قال السديُّ: عرف بعضه، وأعرض عن بعض تكرماً.

وقال الحسنُ: ما استقصى كريم قط، قال الله تعالى: {عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ} .

<<  <  ج: ص:  >  >>