وعن أسماء بنت عميسٍ قالت: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يقول: « {وَصَالِحُ الْمُؤْمِنينَ} : علي بن أبي طالب» .
وقيل: خيار المؤمنين، و «صالح» : اسم جنس، كقوله تعالى:{والعصر إِنَّ الإنسان لَفِى خُسْرٍ}[العصر: ١، ٢] . قاله الطبريُّ.
وقال العلاءُ بنُ زياد، وقتادة، وسفيان: هم الأنبياء.
وقال ابن زيد: هم الملائكة.
وقال السديُّ: هم أصحاب محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ.
وقيل:{وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ} ليس لفظ الواحدِ، وإنما هم «صَالِحُو المُؤمِنينَ» فأضاف الصالحين إلى المؤمنين، وسيأتي له مزيد بيان إن شاء الله تعالى.
فصل في هذا التظاهر
قيل: كان التَّظاهر منهما في التحكيم على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ في النفقة، ولهذا آلى منهن شهراً واعتزلهن.
وروى مسلم عن جابر بن عبد الله قال:«دخل أبو بكرٍ يستأذن على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فوجد النَّاس جلوساً ببابه لم يؤذن لأحدٍ منهم، قال: فأذن لأبي بكر فدخل، ثُمَّ أقبل عمرُ، فاستأذن، فأذن له، فوجد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ جالساً حوله نساؤه، واجماً ساكتاً، قال: فلأقولن شيئاً أضحكُ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فقال: يا رسول الله أرأيت بنت خارجة تسألني النفقة، فقمت إليها، فوجأت عنقها فضحك رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وقال:» هَنُّ حَولِي كما تَرَى يَسْألنَنِي النَّفقَة «فقام أبو بكر إلى عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها يجأ عنقها، وقام عمر إلى حفصة يجأ عنقها، كلاهما يقول: تسألن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ما ليس عنده، فقلن: والله لا نسأل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ شيئاً أبداً ليس عنده، ثم اعتزلهن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ شهراً، أو تسعاً وعشرين، ثم نزلت عليه:{يا أيها النبي قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ}[الأحزاب: ٢٨] حتى بلغ {لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْراً عَظِيماً}[الأحزاب: ٢٩] » الحديث.