{سَائِحَاتٍ} أي: صائمات، قاله ابن عبَّاس والحسن وابن جبير.
وقال زيد بن أسلم وابنه عبد الرحمن ويمان: مهاجرات.
قال زيد: وليس في أمة محمدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ سياحة إلا الهجرة. والسياحة الجولان في الأرض.
وقال الفرَّاء والقتبي وغيرهما: سمي الصائمُ سائحاً؛ لأن السائحَ لا زاد معه، وإنما يأكل من حيث وجد الطعام.
وقيل: يسحن معه حيثما ساح.
وقيل: ذاهبات في طاعة الله تعالى، من ساح الماءُ إذا ذهب. وقد مضى في سورة براءة.
وقرأ عمرو بن فائد: «سَيِّحاتٍ» .
فصل في الكلام على الآية.
قال ابن الخطيب: فإن قيل: كيف تكون المبدلات خيراً منهن، ولم يكن على وجه الأرض نساء خيراً من أمهات المؤمنين؟ .
فالجواب: إذا طلقهن الرسول - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ - لعصيانهن له، وإيذائهن إياه كان غيرهن من الموصوف بهذه الصفات مع الطاعة للرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ خيراً منهن.
فإن قيل: قوله: {مُسْلِمَاتٍ مُّؤْمِنَاتٍ} يوهم التَّكرارَ؛ لأن المسلمات والمؤمنات سواء؟ فالجواب: الإسلام هو التصديق باللسان، والإيمان التصديق بالقلب، وقد لا يجتمعان فقوله {مُسْلِمَاتٍ مُّؤْمِنَاتٍ} تحقيقاً لاجتماعهما.
قوله: {ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَاراً} .
إنما توسطت الواو بين ثيبات وأبكاراً لتنافي الوصف دون سائر الصفات.
و «ثَيِّباتٍ» ونحوه لا ينقاس؛ لأنه اسم جنس مؤنث، فلا يقال: نساء حورات، ولا رأيت عينات.
و «الثَّيِّبُ» وزنها «فَيعِل» من «ثاب يثوب» أي: رجع، كأنها ثابت بعد زوال عذرتها.