للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فصل في مخاطبة الله تعالى للمؤمنين

قال ابن الخطيب: فإن قيل: إنه - تعالى - خاطب المشركين في قوله تعالى: {فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ فاتقوا النار التي وَقُودُهَا الناس والحجارة} [البقرة: ٢٤] ، ثم قال: {أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} فما معنى مخاطبته للمؤمنين بذلك؟ .

فالجوابُ: أن الفساق، وإن كانت دركاتهم فوق دركات الكُفَّار، فإنهم مع الكُفَّار في دار واحدة، فقيل للذين آمنوا: «قُوا أنفُسَكُمْ» باجتناب الفسوقِ ومجاورة الذين أعدت لهم هذه النار، ولا يبعد أن يأمرهم بالتوقِّي عن الارتداد.

قوله: {عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ} .

يعني الزَّبَانية، غلاظ القلوب لا يرحمون إذا استرحموا، خلقوا من الغضب، وحبب إليهم عذاب الخلقِ، كما حبب لبني آدم الطعام، والشراب «شِدادٌ» ، أي: شداد الأبدان وقيل: غلاظ الأقوال شدادُ الأفعالِ.

وقيل: «غِلاظٌ» في أخذهم أهل النار «شِدادٌ» عليهم، يقال: فلان شديد على فلان، أي: قوي عليه يعذبه بأنواع العذاب.

وقيل: أغلاظ أجسامهم ضخمة «شِدادٌ» أي: أقوياء.

قال ابن عبَّاس: ما بين منكبي الواحد منهم مسيرة سنة.

وقال - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ - في خزنة جهنم: «مَا بَيْنَ منْكبَيْ أحدهِمْ كَمَا بَيْنَ المَشْرقِ والمَغْربِ» .

قوله: {لَاّ يَعْصُونَ الله مَآ أَمَرَهُمْ} .

يجوز أن تكون «ما» بمعنى «الذي» ، والعائد محذوف، أي: «مَا أمَرَهُمُوهُ» ، والأصل: «بِهِ» ، لا يقال: كيف حذف العائد المجرور، ولم يجر الموصول بمثله؟ لأنه يطرد حذف هذا الحرف فلم يحذف إلا منصوباً.

وأن تكون مصدرية، ويكون محلها بدلاً من اسم الله بدل اشتمال، كأنه قيل: لا يعصون أمره.

وقوله: {وَيَفْعَلُونَ} .

قال الزمخشريُّ: «فإن قلت: أليست الجملتان في معنى واحد؟ .

<<  <  ج: ص:  >  >>