مستقيمة مستوية دالة على خالقها، وإن اختلفت صوره وقيل: المراد بذلك السماوات خاصة، أي: ما ترى في خلق السماوات من عيب، وأصله من الفوت، وهو أن يفوت شيء شيئاً، فيقع الخَلَل لعدم استوائها يدل عليه قول ابن عباس: من تفرق.
وقال السديُّ:«مِنْ تفَاوُتٍ» أي: من اختلاف، وعيب بقول الناظر: لو كان كذا كان أحسن.
وقيل:«التفاوت» الفطور، لقوله بعد ذلك:{فارجع البصر هَلْ ترى مِن فُطُورٍ} ، ونظيره قوله تعالى:{وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ}[ق: ٦٥] .
قال القفَّالُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: ويحتمل أن يكون المعنى: {مَّا ترى فِي خَلْقِ الرحمن مِن تَفَاوُتٍ} في الدلالة على حكم الصانع، وأنه لم يخلقها عبثاً.
فصل في الخطاب في الآية لمن؟
الخطاب في قوله تعالى:{مَّا ترى فِي خَلْقِ الرحمن مِن تَفَاوُتٍ} إما للرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أو لكل مخاطب، وكذا القول في قوله {فارجع البصر} ، {ثُمَّ ارجِعِ البَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ البَصَرُ} .
فصل فيما تدل عليه الآية
دلت هذه الآية على كمال علم اللَّه، وذلك أن الحسّ دل على أن هذه السماوت السبع أجسام مخلوقة على وجه الإحكام والإتقان، وكل فاعلٍ كان فعله محكماً متقناً، فلا بد وأن يكون عالماً، فدلت الآيةُ على كونه - تعالى - عالماً بالمعلومات بقوله:{مَّا ترى فِي خَلْقِ الرحمن مِن تَفَاوُتٍ} إشارة إلى كونها محكمة متقنة.
فصل فيمن اعتبر المعاصي ليست من خلق الله
احتج الكعبيُّ بهذه الآية على أن المعاصي ليست من خلق الله، قال: - لأنه تعالى - نفى التَّفاوت عن خلقهِ، وليس المرادُ نفي التفاوت في الصغر والكبر والنقص، والعيب، فوجب حمله على نفي التفاوت بين خلقه من حيث الحكمة، فدل من هذا الوجه على أنَّ أفعال العبادِ ليست من خلقه لما فيها من التَّفاوت الذي بعضه جهل، وبعضه سفه. والجواب: أنا نحمله على أن لا تفاوت فيها بالنسبة إليه من حيث إنَّ الكُلَّ يصح عنه بحسب القدرة والإرادة والداعية، وأنه لا يقبح منه شيء أصلاً.