حكى عن كل من ألقي في النار أنهم قالوا: فكذبنا النذير، وهذا يدل على أن من لم يكذب الله ورسوله لا يلقى في النار، وظاهر هذه الآية يقتضي القطع بأن الفاسق المصرَّ لا يدخل النار، وأجاب القاضي عنه: بأن النذير قد يطلق على ما في العقول من الأدلة المخوفة، وكل من يدخل النار مخالف للدليل.
فصل في معرفة الله بعد ورود السمع
واحتج بهذه الآية من قال: إن معرفة الله، وشكره لا يجبان إلا بعد ورود السمع، قالوا: لأنه تعالى إنما عذبهم؛ لأنه أتاهم النذير، فدل على أنه لو لم يأتهم النذير لم يعذبوا.
قوله:{فَسُحْقاً} . فيه وجهان:
أحدهما: أنه منصوب على المفعول به، أي: ألزمهم الله سحقاً.
والثاني: أنه منصوب على المصدر، تقديره:«أسحقهم الله سحقاً» فناب المصدر عن عامله في الدعاء نحو «جَدْعاً له، وغفراً» فلا يجوز إظهار عامله.
واختلف النحاة: هل هو مصدر لفعل ثلاثي، أم لفعل رباعي، فجاء على حذف الزوائد.
فذهب الفارسي والزجاج إلى أنه مصدر «أسْحَقهُ اللَّهُ» أي: أبعده.
قال الفارسي: فكان القياس إسحاقاً، فجاء المصدر على الحذف، كقوله:[الوافر]