فعصم الله نبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ونزلت هذه الآية.
وذكر الماورديُّ: أن العرب كانوا إذا أراد أحدهم أن يصيب أحداً يعني في ماله ونفسه يجوع ثلاثة أيام ثم يتعرض لنفسه وماله، فيقول: بالله ما رأيتُ أقوى منه، ولا أشجع، ولا أكبر منه، ولا أحسن فيصيبه بعينه فيهلك هو وماله، فأنزل الله - تعالى - هذه الآية.
قال القشيريُّ: وفي هذا نظرٌ؛ لأن الإصابة بالعين إنما تكون مع الاستحسان والإعجاب لا مع الكراهية والبغضِ، ولهذا قال:«ويقولون: إنه لمجْنُونٌ» أي: ينسبونك إلى الجنون إذا رأوك تقرأ القرآن.
قال القرطبيُّ: أقوال المفسرين واللغويين تدل على ما ذكرنا، وأن مرادهم بالنظر إليه قتله، ولا يمنع كراهة الشيء من أن يصاب بالعين عداوة حتى يهلك.
فمعنى الكلمة إذاً التنحية والإزالة، وذلك لا يكون في حق النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إلا بهلاكه وموته.
قال الهرويُّ: أراد ليغتالونك بعيونهم، فيزيلونك عن مقامك الذي أقامك الله فيه عداوة لك.
وقال ابن عباس: ينفذونك بأبصارهم، يقال: زلق السَّهم، وزهق إذا نفذ، وهو قول مجاهد أي: ينفذونك من شدة نظرهم.
وقال الكلبي: يصرعونك، وعنه أيضاً والسُّدي وسعيد بن جبير: يصرفونك عما أنت عليه من تبليغ الرسالة.