وفي «الصحاح» : وحاقه، أي: خاصمه، وادعى كل واحد منهما الحقَّ، فإذا غلبه قيل: حقه، ويقال: ما له فيه حقٌّ، ولا حقاق أي: خصومة، والتحاق: والتخاصم، والاحتقاق: الاختصام، والحاقَّةُ والحقُّ والحقةُ ثلاثُ لغاتٍ بمعنًى.
وقال الكسائيُّ والمؤرج: الحاقَّةُ: يوم الحقِّ.
والثاني: أنه مصدر ك «العاقبة» و «العافية» .
قوله «ما الحَاقَّةُ» في موضع نصب على إسقاط الخافض، لأن «أدرى» بالهمزة يتعدى لاثنين، للأول: بنفسه، والثني: ب «الباء» ، قال تعالى: {وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ} [يونس: ١٦] ، فلما وقعت جملة الاستفهام معلقة لها كانت في موضع المفعولِ الثاني، ودون الهمزة تتعدى لواحدٍ ب «الباء» نحو: «دريت بكذا» أو يكون بمعنى «علم» فيتعدّى لاثنين.
فصل في معنى «ما أدراك» .
معنى «ما أدراك» ، أي شيء أعلمك ما ذاك اليوم، والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كان عالماً بالقيامة، ولكن لا علم له بكونها وصفتها، فقيل ذلك تفخيماً لشأنها، كأنك لست تعلمُها، ولم تعاينها.
وقال يحيى بن سلام: بلغني أنَّ كل شيء في القرآن «ومَا أدْراكَ» فقد أدراه وعلمه، وكل شيء قال: «ومَا يُدْريكَ» فهو مما لم يعلمهُ.
وقال سفيان بن عيينة: كل شيء قال فيه: «وما أدْراكَ» فإنه أخبر به، وكل شيء قال فيه: «وما يُدريْكَ» ، فإنه لم يخبر به.
قوله: {كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بالقارعة} .
«القارعةُ» القيامة، سميت بذلك [لأنها] تقرعُ قلوب العبادِ بالمخافةِ.
وقيل: لأنها تقرع الناس بأهوالها يقال: أصابتهم قوارعُ الدهرِ، أي: أهواله وشدائده وقوارضُ لسانه؛ جمع قارضة، وهي الكلمة المؤذيةُ، وقوارعُ القرآن: الآيات التي يقرؤها الإنسانُ إذا قُرعَ من الجن والإنس نحو آية «الكرسي» كأنَّه يقرع الشيطان.
وقال المبرِّد: القارعة مأخوذةٌ من القرعة من رفع قومٍ وحطِّ آخرين.
وقوارعُ القيامة: انشقاقُ السماءِ، وانفطارها، والأرض والجبال بالدكِّ والنسف، والنجوم بالطَّمس والانكدار.
وإنما قال: {كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بالقارعة} ، ولم يقل: بها ليدل على أنَّ معنى القرع حاصل في الحاقَّةِ، فيكون ذلك زيادة على وصف شدتها، ولما ذكرها وفخمها أتبع ذلك