يقال: ربا الشيء يربوا إذا زاد، ومنه الرِّبا إذا أخذ في الذهب والفضة أكثر مما أعطي.
والمعنى: أنها كانت زائدة في الشدة على عقوبات سائر الكفار، كما أن أفعالهم كانت زائدة في القُبحِ على أفعال سائرِ الكفار.
وقيل: إن عقوبة آل فرعون في الدنيا متعلقة بعذاب الآخرة، لقوله: {أُغْرِقُواْ فَأُدْخِلُواْ نَاراً} [نوح: ٢٥] وعقوبة الآخرة أشد من عقوبة الدُّنيا، فتلك العقوبة كأنها كانت تنمو وتربو. ثم ذكر قصة قومِ نوح، وهي قوله:
{إِنَّا لَمَّا طَغَا المآء حَمَلْنَاكُمْ فِي الجارية} ، أي: ارتفع وعلا.
وقال عليٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه: طَغَى على خُزَّانه من الملائكة غضباً لربِّه، فلم يقدروا على حبسه.
قال المفسرون: زاد على كل شيء خمسة عشر ذراعاً.
وقال ابنُ عبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه: طغى الماءُ زمن نوحٍ على خزانه، فكثر عليهم فلم يدروا كم خرج، وليس من الماء قطرة تنزل قبله، ولا بعده إلا بكيل معلوم غير ذلك اليوم، وقد تقدم مرفوعاً أوَّل السورةِ، والمقصود من ذكر قصص هذه الأممِ، وذكر ما حل بهم من العذاب، زجر هذه الأمة عن الاقتداء بهم في معصية الرسولِ، ثم منَّ عليهم بأن جعلهم ذرية من نجا من الغرق بقوله: «حَمَلْناكُم» أي: حملنا آباءكم، وأنتم في أصلابهم، «فِي الجَاريَةِ» أي: في السفن الجاريةِ، والمحمولُ في الجارية إنَّما هو نوحٌ وأولاده، وكل من على وجه الأرض من نسل أولئك.
والجارية من أسماء السفينة، ومنه قوله تعالى: {وَلَهُ الجوار المنشئات فِي البحر كالأعلام} [الرحمن: ٢٤] ، وغلب استعمالُ الجاريةِ في السفينة؛ كقوله في بعض الألغاز: [البسيط]
٤٨٤٤ - رَأيْتُ جَاريَةٌ في بَطْنِ جَارِيَةٍ ... فِي بَطْنِهَا رجُلٌ في بطْنهِ جَمَلُ
قوله: {لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً} ، أي: سفينة نوح - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ - جعلها الله تذكرة وعظةً لهذه الأمةِ حتى أدركها أوائلهم. في قول قتادة.
قال ابن جريجِ: كانت ألواحُهَا على الجوديِّ، والمعنى: أبقيتُ لكم الخشباتِ حتى تذكروا ما حلَّ بقوم نوحٍ، وأنجى الله أباكم، وكم من سفينةٍ هلكت وصارت تراباً، ولم يبق منها شيءٌ، وهذا قولُ الفرَّاءِ.
قال ابنُ الخطيبِ: وهذا ضعيفٌ، بل الصوابُ ما قاله الزجاج: أن الضمير في قوله: «