للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فلا شك أنَّها تحدثُ بخلق الله - تعالى - لأنَّ من خُلقتْ نفسه على تلك الحالةِ لا يُمكِنهُ إزالةُ تلك الحالةِ من نفسه، بل الأفعال الظَّاهرة من القول والفعل يمكنه تركها والإقدامُ عليها فهي أمورٌ اختياريةٌ.

وأما الحالةُ النفسانيةُ التي هي الهلع في الحقيقة، فهي مخلوقةٌ على سبيل الاضطرار.

فصل في المراد بالشر والخير في الآية

قوله: {إِذَا مَسَّهُ الشر جَزُوعاً وَإِذَا مَسَّهُ الخير مَنُوعاً} .

قيل: المرادُ بالخيرِ والشر: الغِنَى والفقرُ، أو الصحةُ والمرض، والمعنى: أنَّه إذا صار فقيراً أو مريضاً أخذ في الجزعِ والشكايةِ، وإذا صار غنياً، أو صحيحاً أخذ في منعِ المعروف، وشحَّ بمالِه.

فإن قيل: حاصلُ هذا الكلام أنَّه نُفُورٌ عن المضار لطلب الراحة، وهذا هو اللائقُ بالعقل، فلم ذمَّهُ الله عليه.

فالجوابُ: إنَّما ذمَّهُ اللَّهُ عليه لقصور نظرهِ على الأمورِ العاجلةِ، والواجبُ عليه أن يكون شاكراً راضياً في كل حالٍ.

قوله: {إِلَاّ المصلين} .

قال النخعيُّ: المرادُ ب «المصلين» : الذين يؤدونَ الصلاة المكتوبة.

وقال ابن مسعودٍ: هم الذين يصلونها لوقتها، فأمَّا تركها فكفرٌ.

وقيل: هم الصحابة وقيل: هم المؤمنون عامّةً.

قوله: {الذين هُمْ على صَلَاتِهِمْ دَآئِمُونَ} أي: على مواقيتها.

وقال عقبة بن عامر: الذين إذا صلُّوا لم يلتفتوا يميناً ولا شمالاً.

و «الدائم» الساكن، ومنه: «نهى عن البول في الماء الدائم» ، أي: الساكن.

وقال ابن جريج والحسن: هم الذين يكثرون فعل التَّطوع منها.

فإن قيل: كيف قال: {على صَلَاتِهِمْ دَآئِمُونَ} وقال في موضع آخر: {على صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ} [المؤمنون: ٩] .

<<  <  ج: ص:  >  >>