من قال: إنَّ الصلاة في أول الوقت أفضل استدل بقوله: «فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ» ؛ قال: لأن الصلاة خير لقوله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ «خَيْرُ أَعْمَالِكُمْ الصَّلَاةُ» وظاهر الأمر بالسبق للوجوب، فإذا لم يتحقق فلا أقل من الندب.
وأيضاً قوله تعالى:{سابقوا إلى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ}[الحديد: ٢١] ومعناه: إلى ما يوجب المغفرة، والصلاة مما يوجب المغفرة، فوجب أن تكون المسابقة إليها مندوبة.
والمراد منه: السابقون في الطاعات، والصلاة من الطاعات، وأيضاً أنه مدح الأنبياء المقدمين بقوله تعالى:{إِنَّهُمْ كَانُواْ يُسَارِعُونَ فِي الخيرات}[الأنبياء: ٩٠] ، والصلاة من الخيرات، كما بَيّنا.
وأيضاً أنه تعالى ذم إبْليس في ترك المُسَارعة فقال:{مَا مَنَعَكَ أَلَاّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ}[الأعراف: ١٢] .
وأيضاً قوله تعالى:{حَافِظُواْ عَلَى الصلوات}[البقرة: ٢٣٨] والمحافظة لا تحصل إلا بالتَّعْجيل، ليأمن الفوت بالنسيان.
وأيضاً قوله تعالى حكاية عن موسى عليه السلام:{وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لترضى}[طه: ٨٤] فثبت أن الاستعجال أولى.
وأيضاً قوله تعالى:{}[الحديد: ١٠] فبين أن المسابقة سبب لمزيد الفضيلة، وأيضاً ما روي عن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أنه قال:«الصَّلَاةُ في أَوَّلِ الوَقْتِ رَضْوَانُ اللهِ وَفِي آخِرِهِ عَفْوُ اللهِ» .
قال الصديق رَضِيَ اللهُ عَنْه: رضوان الله أحب إلينا من عَفْوه.
قال الشافعي رَضِيَ اللهُ عَنْه: رضوان الله إنما يكون للمحسنين، والعفو يوشك أن يكون عن المقصرين.
فإن قيل: هذا الاحتجاج يقتضي أن يأثم بالتأخير، وأجمعنا على أنه لا يأثم، فلم يبق