وقال الزجاج: «أي يؤخركم عن العذاب، فتموتوا غير موتة المستأصلين بالعذاب» .
وعلى هذا قيل: أجل مسمى عندكم تعرفونه لا يميتكم غَرْقاً ولا حَرْقاً ولا قَتْلاً، ذكره الفراء. وعلى القول الأول أجل مسمى عند الله.
قوله: {إِنَّ أَجَلَ الله إِذَا جَآءَ لَا يُؤَخَّرُ} ، أي: إذا جاء الموتُ لا يؤخَّر بعذاب كان، أو بغير عذاب، وأضاف الأجلَ إليه سبحانه؛ لأنه الذي أثبته، وقد يضاف إلى القوم كقوله تعالى: {إِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ} [يونس: ٤٩] ؛ لأنه مضروبٌ لهم، و «لَوْ» بمعنى «إنْ» أي: إن كنتم تعلمون.
وقال الحسن: معناه: لو كنتم تعلمون لعلمتم أن أجل الله إذا جاء لا يُؤخَّرُ.
وعلى هذا يكون جوابُ «لَوْ» محذوفاً تقديره: لبادرتم إلى ما أمركم به أو لعلمتم كما قال الحسن.
قوله: {قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهَاراً} ، وهذان ظرفان ل «دَعوْتُ» ، والمراد: الإخبار باتصال الدعاء وأنَّه لا يفتر عن ذلك وقيل: معناه سراً وجهراً {فَلَمْ يَزِدْهُمْ دعآئي إِلَاّ فِرَاراً} ، أي: تباعداً من الإيمان، وهذا استثناء مفرغ وهو مفعول ثان.
وقراءة العامة: بفتح الياء من «دُعَائِي» .
وأسكنها الكوفيُّون، ويعقوب والدوري عن أبي عمرو.
قوله: {وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ} ، أي: إلى سبب المغفرةِ، وهي الإيمانُ بك والطاعة لك {جعلوا أَصَابِعَهُمْ في آذَانِهِمْ} لئلَاّ يسمعُوا دُعائِي {واستغشوا ثِيَابَهُمْ} أي: غطُّوا بها وجوههم لئلَاّ يرون.
قال ابن عبَّاسٍ: جعلوا ثيابهم على رءوسهم لئلَاّ يسمعوا كلامي، فاستغشاءُ الثِّياب إذن زيادة في سدِّ الآذان حتى لا يسمعوا، أو لتنكيرهم أنفسهم حتى يسكت، أو ليعرفوه إعراضهم عنه.
وقيل: هو كنايةٌ عن العداوةِ، يقال: لبس فلانٌ ثياب العداوةِ «وأصَرُّوا» على الكفر فلم يتوبوا، «واسْتَكْبَرُوا» عن قبول الحق، وهو قولهم: {أَنُؤْمِنُ لَكَ واتبعك الأرذلون} [الشعراء: ١١١] .
قوله: «لِتَغْفِرَ» ، يجوز أن تكون للتعليل، والمدعو إليه محذوفٌ، أي: دعوتهم