ووجه الكسرِ والفتح في قوله: {وَأَنَّهُ لَّمَا قَامَ عَبْدُ الله} ما تقدم.
ووجه إجماعهم على فتح {وَأَنَّ المساجد لِلَّهِ} وجهان:
أحدهما: أنه معطوف على «أنَّه اسْتَمَعَ» فيكون موحى أيضاً.
والثاني: أنه على حذف حرف الجر، وذلك الحرف متعلق بفعل النهي، أي: فلا تدعوا مع الله احداً، لأن المساجد لله. ذكرهما أبو البقاء.
وقال الزمخشريُّ: «أنَّهُ اسْتَمَع» - بالفتح - لأنه فاعل «أوْحِيَ» ، و «إنَّا سَمِعْنَا» بالكسر لأنه مبتدأ، محكي بعد القول، ثُمَّ يحمل عليهما البواقي، فما كان من الوحي فتح، وما كان من قول الجنِّ كسر، وكلهم من قولهم الثنتين الأخريين وهما: «وأن المساجد، وأنه لما قام عبد الله يدعوه» ، ومن فتح كلهن، فعطفاً على محلّ الجار والمجرور في «آمنَّا بِهِ» ، أي: صدقناه وصدقنا به.
والهاء في {أَنَّهُ استمع نَفَرٌ} ، وأنه تعالى وما بعد ذلك ضمير الأمر والشأن، وما بعده خبر «أن» .
قوله: {جَدُّ رَبِّنَا} . قرأ العامة: {جَدّ رَبَّنَا} بالفتح ل «رَبَّنَا» .
والمراد به هنا العظمة.
وقيل: قدرته وأمره.
وقيل: ذكره.
والجدُّ أيضاً: الحظُّ، ومنه قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «وَلَا ينفعُ ذَا الجَدِّ مِنْكَ الجَدُّ» والجدُّ أيضاً: أبو الأب، والجدُّ أيضاً - بالكسر - ضد التواني في الأمر.
وقرأ عكرمة: بضم ياء «ربُّنا» وتنوين «جدٌّ» على أن يكون «ربنا» بدلاً من «جد» .
والجد: العظيمُ. كأنه قيل: وأنه تعالى عظم ربنا، فأبدل المعرفة من النكرة.
وعنه أيضاً: «جداً» على التمييز و «ربنا» فاعل ب «تعَالى» ، وهو منقول من الفاعلية؛ إذ التقدير: «جد ربنا» ثم صار تعالى ربنا جداً أي عظمة نحو تصبب زيداً عرقاً أي عرق زيد، وعنه أيضاً وعن قتادة كذلك إلا انه بكسر الجيم، وفيه وجهان:
أحدهما: أنه نعت لمصدر محذوف، وربنا فاعل ب «تعالى» ، والتقدير: تعالى ربُّنا تعالياً جداً، أي: حقاً لا باطلاً.
والجِدُّ - بكسر الجيم - ضد الهزل.