للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

والثاني: أنه منصوب على الاستثناء.

الثالث: أنه مستثنى منقطع من قوله {لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَراً} .

قال قتادة: أي: لا أملك إلا بلاغاً إليكم، وقرره الزمخشري، فقال: أي: لا أملك لكم إلا بلاغاً من الله، وقيل: {إِنِّي لَن يُجِيرَنِي مِنَ الله} جملة معترضة اعترض بها لتأكيد نفي الاسطاعة وعلى هذا فالاستثناء منقطع.

الرابع: أنَّ الكلام ليس استثناء، بل شرطاً، والأصل: «إن لا» ف «إنْ» شرطية وفعلها محذوفٌ، لدلالة مصدره، والكلام الأول عليه، و «لا» نافية، والتقدير: «إن لا أبلغ بلاغاً من الله فلن يجيرني من الله أحدٌ» .

وجعلوا هذا كقول الآخر: [الوافر]

٤٩١٥ - فَطلِّقْهَا فلسْتَ لهَا بِكُفءٍ ... وإلَاّ يَعْلُ مفْرِقَكَ الحُسامُ

أي: وإن لا تطلقها يعلُ، فحذف الشرط ونفى الجواب، وفي هذا الوجه ضعف من وجهين:

أحدهما: أن حذف الشرط دون أدلته قليل جداً.

والثاني: أنَّه حذف الجزءان هنا، أعني الشرط والجزاء.

فيكون كقول الشاعر: [الرجز]

٤٩١٦ - قَالتْ بنَاتُ العَمِّ: يا سَلْمَى وإنْ ... كَانَ فَقيراً مُعدماً، قالتْ: وإنْ

أي قالت: وإن كان فقيراً معدماً فقد رضيته.

وقد يقال: إن الجواب مذكور عند من يرى جواز تقديمه، وإما في قوة المنطوق به لدلالة ما قبله عليه.

وقال الحسنُ: {إِلَاّ بَلَاغاً مِّنَ الله وَرِسَالَاتِهِ} . فإن فيه النجاة والأمان.

قوله {مِّنَ الله} . فيه وجهان:

أحدهما: أن «مِنْ» بمعنى «عَنْ» لأن «بلغ» يتعدى بها، ومنه قوله - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ -: «ألَا بلَّغُوا عنِّي» .

والثاني: أنه متعلق بمحذوف على أنه صفة ل «بلاغ» .

قال الزمخشري: «مِنْ» ليست للتبليغ وإنما هي بمنزلة «مِنْ» في قوله تعالى {بَرَآءَةٌ مِّنَ الله وَرَسُولِهِ} [التوبة: ١] ، بمعنى: «بلاغاً كائناً من اللَّهِ» .

<<  <  ج: ص:  >  >>