«إلا الذين ظلموا» ؛ بسبب أنهم كتموا ما عرفوا.
وقيل: لام أوردوا تلك الشبهة معتقدين أنها حجّة سماها تعالى حجّة، بناءً على معتقدهم، أو لعله - تعالى - سمّاها حجّة تهكُّماً بهم.
وقيل: أراد بالحجة المحاجّة، فقال: {لِئَلَاّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَاّ الذين ظَلَمُواْ مِنْهُمْ} فإنهم يحاجونكم بالباطل] .
قوله تعالى: «إلَاّ الَّذِينَ» قرأ الجمهور «إلَاّ» بكسر «الهمزة» وتشديد «اللام» .
وقرأ ابن عباس، وزيد بن علي، وابن زيد بفتحها، وتخفيف «اللام» على أنها للاستفتاح.
فأما قراءة الجمهور فاختلف النحويون في تأويلها على أربعة أقوال:
أظهرها: وهو اختيار الطبري، وبدأ به ابن عطية، ولم يذكر الزمخشري غيره أنه استثناء متصل.
قال الزمخشري: معناه لئلا يكون حجّة لأحد من اليهود إلا للمعاندين منهم القائلين: ما ترك قِبْلَتنا إلى الكعبة إلا ميلاً لدين قومه، وحبّاً لهم، وأطلق على قولهم: «حجّة» ؛ لأنهم ساقوه مساق الحجة.
والحجّة كما أنها تكون صحيحة، فقد تكون أيضاً باطلة، قال الله تعالى: {حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِندَ رَبِّهِمْ} [الشوى: ١٦] .
وقال تعالى: {فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَآءَكَ مِنَ العلم} [آل عمران: ٦١] والمحاجّة هي أن يورد كل واحد من المحق والمبطل على صاحبه حجّة، وهذا يقتضي أن الذي يورده المبطل يسمى بالحجّة، ولأن الحجّة اشتقاقها من حَجَّه إذا علا عليه، فكل كلام يقصد به غلبة الغير فهو حجّة.
وقال بعضهم: إنها مأخوذة من محجّة الطريق، فكل كلام يتّخذه الإنسان مسلكاً لنفسه في إثبات أو إبطال فهو حجّة.
وقال ابن عطية: المعنى أنه لا حجّة لأحد عليكم إلا الحجة الداحضة للذين ظلموا من اليهود وغيرهم الذين تكلموا في النازلة، وسماها حجّة وحكم بفسادها حين كانت من ظالم.
الثاني: أنه استثناء منقطع، فيقدر ب «لكن» عند البصريين، وب «بل» عند الكوفيين؛ لأنه استثناء من غير الأول، والتقدير: لكن الذين ظلموا، فإنهم يتعلقون عليكم