للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

والنقصان من النصف، والزيادة عليه، ثم يحتمل قول الله - عَزَّ وَجَلَّ - {فاقرءوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} معنيين:

أحدهما: أن يكون فرضاً ثانياً لأنه أزيل به فرض غيره.

والآخر: أن يكون فرضاً منسوخاً أزيل بغيره كما أزيل به غيره، وذلك بقول الله - تعالى -: {وَمِنَ الليل فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ} [الإسراء: ٧٩] ، فاحتمل قوله تعالى: {وَمِنَ الليل فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ} [الإسراء: ٧٩] أي: تتهجد بغير الذي فرض عليك مما تيسر منه.

قال الشافعيُّ: فكان الواجب طلب الاستدلال بالسنة على أحد المعنيين فوجدنا سنّة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ تدل على أن لا واجب من الصلاة إلا الخمس.

فصل في أن النسخ هنا خاص بالأمة

قال القشيريُّ: والمشهورُ أنَّ نسخ قيامِ الليل كان في حق الأمةِ، وبقيت الفريضةُ في حق النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ.

وقيل: إنما النسخ: التقدير بمقدار، وبقي أصل الوجوب كقوله تعالى: {فَمَا استيسر مِنَ الهدي} [البقرة: ١٩٦] ، فالهدي لا بد منه، كذلك لا بد من الصلاة في الليل ولكن فوض تقديره إلى اختيار المصلي، وعلىهذا فقال قوم: فرض قيام الليل بالقليل باق، وهو مذهب الحسنِ.

قال الشافعيُّ: بل نسخ بالكلية، فلا تجب صلاة الليل أصلاً، ولعل الفريضة التي بقيت في حق النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ هي هذه، وهو قيامه، ومقداره مفوض إلى خيرته، وإذا ثبت أن القيام ليس فرضاً، فقوله تعالى: {فاقرءوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} ، معناه: اقرأوا إن تيسر عليكم ذلك وصلوا إن شئتم.

وقال قوم: إنَّ النسخ بالكلية تقرر في حق النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أيضاً، فما كانت صلاة الليل واجبة عليه، وقوله: {نَافِلَةً لَكَ} محمول على حقيقة النفل، ومن قال: نسخ المقدار وبقي أصل وجوب قيام الليل لم ينسخ، فهذا النسخ الثاني وقع ببيان مواقيت الصلاة كقوله تعالى: {أَقِمِ الصلاة لِدُلُوكِ الشمس إلى غَسَقِ الليل} [الإسراء: ٧٨] الآية، وقوله تعالى: {فَسُبْحَانَ الله حِينَ تُمْسُونَ} [الروم: ١٧] الآية، ما في الخبر من أن الزيادة على الصلوات الخمس تطوع.

وقيل: وقع النسخ بقوله تعالى: {وَمِنَ الليل فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ} ، والخطاب للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وللأمة كما أن فرضية الصلاة، وإن خوطب بها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ في قوله: {يا أيها المزمل قُمِ الليل} [المزمل: ١ - ٢] فهي عامة له ولغيره.

وقد قيل: إن فريضة قيام الليل امتدت إلى ما بعد الهجرةِ، ونسخت بالمدينة لقوله

<<  <  ج: ص:  >  >>