وقال ابن مسعود: أيما رجل جلب شيئاً إلى مدينة من مدائن المسلمين صابراً محتسباً، فباعه بسعر يومه كان له عند الله منزلة الشهداء، وقرأ: {وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأرض يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ الله وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الله} .
وقال ابن عمر: ما خلق الله موتة أموتها بعد الموت في سبيل الله أحب إليَّ من الموت بين شعبتي رحْلي، أبتغي من فضل الله، ضارباً في الأرض.
وقال طاووس: الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله.
قوله: {فاقرءوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} ، أي: صلُّوا ما أمكن فأوجب الله تعالى من صلاة الليل، ما تيسَّر، ثم نسخ ذلك بإيجاب الصلوات الخمس على ما تقدم.
وقال عبد الله بن عمرو: «قال لي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ:» يَا عَبْدَ اللَّه، لا تكُنْ مِثْلَ فُلانِ كَانَ يقُومُ اللَّيْلَ، فتركَ قِيامَ اللَّيْلِ «
، ولو كان فرضاً ما أقره النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ولا أخبر بمثل هذا الخبر عنه، بل كان يذمه غاية الذم.
فصل في القدر الذي يقرأ به في صلاته
إذا ثبت أنَّ قيام الليل ليس بفرض، وأن قوله {فاقرءوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ القرآن} ، {فاقرءوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} محمول على ظاهره من القراءة في الصلاة، فاختلف العلماء في قدر ما يلزمه أن يقرأ به في الصلاة.
فقال مالك والشافعيُّ: فاتحة الكتاب لا يجوز العدول عنها ولا الاقتصار على بعضها، وقدره أبو حنيفة بآية واحدة من أي القرآن كانت، وعنه ثلاث آياتٍ لأنها أقل سورة، وقيل المراد به قراءة القرآن في غير الصلاة.
قال الماورديُّ: فعلى هذا القول يكون مطلق الأمر محمولاً على الوجوب ليقف بقراءته على إعجازه وما فيه من دلائل التوحيد، وبعث الرسل، ولا يلزمه إذا قرأه وعرف إعجازه، ودلائل التوحيد أن يحفظه؛ لأن حفظ القرآن من القرب المستحبة دون الواجبة والأكثرون على أنه للاستحباب، لأنه لو وجب علينا قراءته لوجب حفظه. وفي قدر الواجب أقوال:
الأول: قال الضحاكُ: جميع القرآن، لأن الله تعالى يسره على عباده.
الثاني: قال جويبر: ثلث القرآن.