وقال الليث: عبس يعبس فهو عبس إذا قطب ما بين عينيه، فإذا أبدى عن أسنانه في عبوسه قيل: كلح، فإن اهتم لذلك، وفكر فيه قيل: بسر، فإن غضب مع ذلك قيل بسل. واعلم أنه ذكر صفات جسمه بعد صفات قلبه، وهذا يدل على عناده، لأن من فكر في أمر حسن يظهر عليه الفرح لا العبوس، والعبس أيضاً: ما يبس في أذناب الإبل من البعر، والبول؛ قال أبو النجم:[الرجز]
وأهل اليمن يقولون: بسر المركب بسراً، أي: وقف لا يتقدم، ولا يتأخر، وقد أبسرنا: أي صرنا إلى البسور.
وقال الراغب: البسر استعجال الشيء قبل أوانه، نحو: بسر الرجل حاجته طلبها في غير أوانها، وماء بسر متناول من غديره قبل سكونه، ومنه قيل للذي لم يدرك من التمر: بسر، وقوله تعالى:{عَبَسَ وَبَسَرَ} ، أي: أظهر العبوس قبل أوانه، وقبل وقته.
قال: فإن قيل: فقوله تعالى: {وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ}[القيامة: ٢٤] ، ليس يفعلون ذلك قبل الموت، وقد قلت: إن ذلك يكون فيما يقع قبل وقته.
قيل: أشير بذلك إلى حالهم قبل الانتهاء بهم إلى النار، فخص لفظ البسر تنبيهاً على أن ذلك مع ما ينالهم من بعد، يجري مجرى التكلف، ومجرى ما يفعل قبل وقته، ويدل على ذلك {تَظُنُّ أَن يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ}[القيامة: ٢٥] .