السماوات والأرض والجبال فَأبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإنسان} [الأحزاب: ٧٢] .
وقيل: القسم وقع بالنَّفس اللوامة على معنى التعظيم من حيث إنها أبداً يستحقرُ فعلها وجدُّها واجتهادها في طاعة الله تعالى.
وقيل: إنه - تعالى - أقسم بيوم القيامة، ولم يقسم بالنفس اللوامة تحقيراً لها؛ لأن النفس اللوامة إمَّا أن تكون كافرة بالقيامة مع عظم أمرها، وإمَّا أن تكون فاسقة مقصرة في العمل، وعلى التقديرين فإنها تكون مستحقرة.
والجواب عن الثاني: أن المحقِّقين قالوا: القسم بهذه الأشياء قسم بربِّها وخالقها في الحقيقة، فكأنه قيل: أقسم برب القيامة على وقوع القيامة.
والجواب عن الثالث: أنه حيث أقسم، قال جل ذكره: «والذَّارياتِ» ، وأما هنا فإنه سبحانه نفى كونه مقسماً بهذه الأشياء، فزال السؤال.
قوله تعالى: {بَلْ يُرِيدُ الإنسان لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ} . فيه وجهان:
أحدهما: أن تكون «بل» لمجرد الإضراب والانتقال من غير عطف، أضرب عن الكلام الأول وأخذ في آخر.
الثاني: أنها عاطفة. قال الزمخشري: «بل يريد» عطف على «أيحسب» ، فيجوز أن يكون مثله استفهاماً، وأن يكون إيجاباً على أن يضرب عن مستفهم عنه إلى آخر، أو يضرب عن مستفهم عنه إلى موجب.
قال أبو حيان بعد ما حكى عن الزمخشري ما تقدَّم: «وهذه التقادير الثلاثة متكلَّفة لا تظهر» .
وقال شهاب الدين: «وليس هنا إلا تقديران، ومفعول» يُرِيد «محذوف يدل عليه التعليل في قوله تعالى: {لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ} والتقدير: يريد شهواته ومعاصيه فيمضي فيها دائماً أبداً و» أمامه «منصوب على الظَّرفِ، وأصله مكانٌ فاستعير هنا للزمان» .
والضمير في «أمَامَه» الظاهرُ عوده على الإنسان.
وقال ابن عباس: يعود على يوم القيامة بمعنى أنه يريد شهواته ليفجر في تكذيبه بالبعث بين يدي يوم القيامة.
فصل في تفسير الآية
قال مجاهد والحسن وعكرمة والسدي وسعيد بن جبير رَضِيَ اللَّهُ عَنْهم: يقول: سوف أتوب حتى يأتيه الموت على أسوأ أحواله.