للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

أما المعنى: فلا فائدة في الإخبار عنها بذلك، وأما الصناعة: فلأنه لا يخبر بالزمان عن الجثة، فإن ورد ما ظاهره ذلك يؤول نحو «الليلة الهلالُ» .

الرابع: أن يكون «وُجوهٌ» مبتدأ و «نَاضِرةٌ» خبره، و {إلى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} جملة مستأنفة في موضع خبر ثانٍ، قاله ابن عطية.

وفيه نظر؛ لأنه لا ينعقد منهما كلام؛ إذ الظاهر تعلُّق «إلى» ب «نَاظِرةٌ» اللهمّ إلا أن يعني أن «ناظرة» خبر لمبتدأ مضمر، أي: هي ناظرة إلى ربها، وهذه الجملة خبر ثان وفيه تعسف.

الخامس: أن يكون الخبر ل «وُجوهٌ» مقدَّراً، أي: وجوه يومئذ ثمَّ، و «نَاضِرةٌ» صفة وكذلك «ناظرة» .

قاله أبو البقاء: وهو بعيد لعدم الحاجة إلى ذلك.

والوجه: الأولى لخلوصه من هذه التعسّفات. وكون «إلى» حرف جر، و «ربها» مجروراً بها هو المتبادر إلى الذهن، وقد خرجه بعض المعتزلة على أن يكون «إلى» اسماً مفرداً بمعنى النعمة مضافاً إلى «الرب» ويجمع على «آلاء» نحو {فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا} [الرحمن: ١٣]- وقد تقدم أن فيها لغات أربعاً - و «ربِّهَا» خفض بالإضافة والمفعول مقدم ناصبه «ناظرة» بمعنى منتظرة والتقدير: وجوه منتظرة نعمة ربها.

وهذا فرار من إثبات النظر لله - تعالى - على معتقدهم.

وتَمحَّل الزمخشري لمذهب المعتزلة بطريق أخرى من جهة الصناعة، فقال - بعد أن جعل التقديم في «إلى ربها» مؤذناً بالاختصاص -: والذي يصح معه أن يكون من قول الناس: إنا إلى فلان ناظر ما يصنع بي، يريد معنى التوقّع والرجاء؛ ومنه قول القائل: [الكامل]

٤٩٩٧ - وإذَا نَظرْتُ إليْكَ مِنْ ملِكٍ ... والبَحْرُ دُونكَ زِدْتَنِي نِعَمَا

وسمعت سُرِّيَّة مستجدية ب «مكة» وقت الظهر حين يغلق الناس أبوابهم، ويأوون إلى مقايلهم تقول: «عُيَيْنتي نويظرة» إلى الله وإليكم، والمعنى: أنهم لا يتوقعون النعمة والكرامة إلا من ربهم.

قال شهاب الدين: وهذا كالحوم على من يقول إن «نَاظِرةٌ» بمعنى منتظرة، إلا أن مكيّاً قد رد هذا القول، فقال: ودخول «إلى» مع النظر يدل على أنه نظر العين، وليس من الانتظار ولو كان من الانتظار لم تدخل معه «إلى» ؛ ألا ترى أنك لا تقول: انتظرت

<<  <  ج: ص:  >  >>