وقيل: «فخلق» أي: نفخ فيه «فسوى» فكمل أعضاءه. قاله ابن عباس ومقاتل.
{فَجَعَلَ مِنْهُ} أي: من الإنسان.
وقيل: من المني «الزوجين، الذكر والأنثى» أي: الرجل والمرأة.
فقوله تعالى {الذكر والأنثى} يجوز أن يكونا بدلين من الزوجين على لغة من يرى إجراء المثنى إجراء المقصور، وقد تقدم تحقيقه في «طه» ومن ينسب إليه هذه اللغة والاستشهاد على ذلك [طه: ٦٣] .
فصل فيمن احتج بالآية على إسقاط الخنثى
قال القرطبي: وقد احتج بهذه الآية من رأى إسقاط الخنثى وقد مضى في سورة «الشورى» أن هذه الآية وقرينتها إنما خرجت مخرج الغالب.
فإن قيل: ما فائدة قوله: «يمنى» في قوله تعالى {من منيّ يمنى} ؟ فالجواب فيه إشارة إلى حقارة حاله، كأنه قيل: إنه مخلوق من المني الذي يجري مجرى النَّجاسة، فلا يليق بمثل هذا أن يتمرد عن طاعة الله - تعالى - إلا أنه عبر عن هذا المعنى على سبيل الرمز، كما في قوله تعالى في «عيسى ومريم» - عليهما الصلاة والسلام -
{كَانَا يَأْكُلَانِ الطعام} [المائدة: ٧٥] والمراد منه قضاء الحاجةِ.
قوله تعالى: {أَلَيْسَ ذَلِكَ بَقَادِرٍ} أي: أليس الذي قدر على خلق هذه النسمة من قطرة ماء.
وقوله: «بقَادرٍ» اسم فاعل مجرور ب «باء» زائدة في خبر «ليس» وهذه قراءة العامة.
وقرأ زيد بن علي: «يقدر» فعلاً مضارعاً.
والعامة: على نصب «يحيى» ب «أن» لأن الفتحة خفيفة على حرف العلة.
وقرأ طلحة بن سليمان والفياض بن غزوان: بسكونها، فإما أن يكون خفف حرف العلة بحذف حرف الإعراب. وإما أن يكون أجرى الوصل مجرى الوقف، وجمهور النَّاس على وجوب فك الإدغام.
قال أبو البقاء: لئلا يجمع بين ساكنين لفظاً وتقديراً.
يعني أن الحاء ساكنة، فلو أدغمنا لسكنا الياء الأولى أيضاً للإدغام، فيلتقي ساكنان لفظاً، وهو متعذر النطق، فهذان ساكنان لفظاً.