يصيح الديك، أو ما يصيح، لم يجز. قال شهاب الدين: قد تقدم الكلام في ذلك مراراً.
وقرأ نافع والكوفيون:«تشاءون» خطاباً لسائر الخلق، أو على الالفتات من الغيبة في قوله تعالى:{نَّحْنُ خَلَقْنَاهُمْ} ، والباقون: بالغيبة جرياً على قوله: «خلقناهم» وما بعده.
قوله:{وَمَا تَشَآءُونَ} أي الطاعة والاستقامة، واتخاذ السبيل إلى الله {إِلَاّ أَن يَشَآءَ الله} فأخبر أن الأمر إليه سبحانه، وليس لهم، وأنه لا ينفذ مشيئة أحد، ولا تقدّم إلا تقدّم مشيئة الله تعالى، قيل: إن الآية الأولى منسوخة بالثانية.
قال القرطبي: والأشبه أنه ليس بنسخ، بل هو تبيين أن ذلك لا يكون إلا بمشيئته.
قال الفراء:«ومَا تَشَاءُونَ إلَاّ أن يَشاءَ اللهُ» جواب لقوله تعالى: {فَمَن شَآءَ اتخذ إلى رَبِّهِ سَبِيلاً} ثم أخبرهم أن الأمر ليس إليهم، فقال:«ومَا تَشَاءُونَ» ذلك السبيل «إلَاّ أن يشَاءَ اللهُ» لكم، {إِنَّ الله كَانَ عَلِيماً} بأعمالكم «حَكِيماً» في أمره ونهيه لكم.
قال ابن الخطيب: إن فسرنا الرحمة بالإيمان فالآية صريحة في أن الإيمان من الله تعالى وإن فسرناها بالجنة كان دخول الجنة بسبب مشيئته بسبب مشيئة الله تعالى وفضله، وإحسانه لا بسبب الاستحقاق؛ لأنه لو ثبت الاستحقاق لكان تركه يفضي إلى الجَهْل أو الحاجة، وهما محالان على الله تعالى، والمفضي إلى المحال محال، فتركه محال، فوجوده واجبٌ عقلاً، وعدمه ممتنعٌ عقلاً، وما كان كذلك لا يكون معلقاً على المشيئة ألبتة.
قوله:{والظالمين} ، أي: ويعذّب الظالمين، وهو منصوب على الاشتغال بفعل يفسره «أعَدَّ لَهُمْ» من حيث المعنى لا من حيث اللفظ، تقديره: وعذب الظالمين، ونحوه:«زيداً مررت به» أي: جاوزت ولابست. وكان النصب هنا مختاراً لعطف جملة الاشتغال على جملة فعلية قبلها، وهو قوله «يُدْخِلُ» .
قال الزجاج: نصب «الظَّالمينَ» لأن قبله منصوباً، أي: يدخل من يشاء في رحمته ويعذب الظالمين، أي: المشركين، ويكون «أعَدَّ لَهُمْ» تفسيراً لهذا المضمر؛ قال الشاعر:[المنسرح]
٥٠٥٣ - أصْبَحتُ لا أحْمِلُ السِّلاحَ ولا ... أمْلِكُ رَأسَ البَعيرِ إنْ نَفَرَا