للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فصل في معنى الآية

والمعنى: يلقي الوحي إعذاراً من الله تعالى وإنذاراً إلى خلقه من عذابه. قاله الفراء.

وروي عن أبي صالحٍ قال: يعني الرسل يعذرون وينذرون.

وروى سعيد عن قتادة: «عُذْراً» قال: عذراً لله - تعالى - إلى خلقه، ونذراً للمؤمنين ينتفعون به ويأخذون به، وروى الضحاك عن ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما -: «عُذْراً» أي: ما يقبله الله - تعالى - من معاذير أوليائه، وهي التوبة «أو نُذْراً» ينذر أعداءه.

فصل في المراد بهذه الكلمات الخمس

قال ابن الخطيب: اعلم أن هذه الكلمات الخمس، إما أن يكون المراد منها جنساً واحداً، أو أجناساً مختلفة، فالأول فيه وجوه:

أحدها: أن المراد بها الملائكة والمرسلات هي الملائكة الذين أرسلهم الله - تعالى - إما لإيصال النِّعمة إلى قوم أو لإيصال النقمة إلى آخرين، وقوله تعالى: «عُرْفاً» إما أن يكون العُرْف هو الذي ضد النُّكر، فإن كانوا الملائكة المبعوثين للرحمة، فالمعنى فيهم ظاهر وإن بعثوا للعذاب فذلك العذاب وإن لم يكن معروفاً للكفَّار فإنه معروف للأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - والمؤمنين، أو يكون العرف التَّتابع، وقوله تعالى: {فالعاصفات عَصْفاً} فمعناه أن الملائكة عصفوا في طيرانهم كعصف الرياح، أو يعصفون بروح الكافرِ، يقال: عصف بالشيء إذا أباده، وقوله تعالى: {والناشرات نَشْراً} أي: أنهم نشروا أجنحتهم عند انحطاطهم إلى الأرض، أو نشروا الرحمة والعذاب، أو المراد الملائكة الذي ينشرون الكتب التي فيها أعمال بني آدم يوم القيامة كتاباً يلقاه منشوراً، وقوله تعالى: {فالفارقات فَرْقاً} أي: أنهم يفرقون بين الحق والباطل، وقوله: {فالملقيات ذِكْراً} أي أنهم يلقون الذِّكرَ إلى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.

والمراد بالذكر إما العلم والحكمة أو القرآن، لقوله تعالى: {أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِن بَيْنِنَا} [القمر: ٢٥] ، وهذا المُلْقي وإن كان جبريل وحده إلا أنه سمِّي باسم الجمع تعظيماً له.

واعلم أن الملائكة أقسام: قسمٌ يرسل لإنزال الوحي على الأنبياء، وقسمٌ يرسل لكتابة اعمل بني آدم، وقسم يرسل لقبض الأرواح، وقسم يرسل بالوحي من سماءٍ إلى سماءٍ.

الوجه الثاني: أن المراد بهذه الكلمات الخمس: الرياح، أقسم الله - تعالى - بالرياح

<<  <  ج: ص:  >  >>