قوله:{وَإِذَا الرسل أُقِّتَتْ} . قرأ أبو عمرو:«وقِّتَتْ» بالواو، والباقون: بهمزة بدل الواو. قالوا: والواو هي الأصل؛ لأنه من الوقت، والهمزة بدل منها لأنها مضمومة ضمة لازمة، وكل واو انضمت وكانت ضمتها لازمة تبدل على الاطراد همزة أولاً، تقول: صلى القوم إحداناً، تريد: وِحدَاناً، وهذه أجوه حسان؛ لأن ضمة الواو ثقيلة وبعدها واو فالجمع بينهما يجري مجرى المثلين فيكون ثقيلاً، ولم يجز البدل في قوله تعالى {وَلَا تَنسَوُاْ الفضل بَيْنَكُمْ}[البقرة: ٢٣٧] ؛ لأن الضمة غير لازمة، قال الفراء. وقد تقدم ذكر ذلك أول الكتاب.
فصل في المراد بالتأقيت
قال مجاهد والزجاج: المراد بهذا التأقيت تبيين الوقت الذي تحضرون فيه للشهادة على أممكم، أي: جمعت لوقتها ليوم القيامة، والوقت: الأجل الذي يكون عنده الشيء المؤخر إليه، فالمعنى: جعل لها وقت وأجل للفصل والقضاء بينهم وبين الأمم، كقوله تعالى:{يَوْمَ يَجْمَعُ الله الرسل}[المائدة: ١٠٩] .
وقيل: المراد بهذا التأقيت تحصيل الوقت وتكوينه، وليس في اللفظ بيان أنه يحصل لوقت أي شيء، ولم يبينه ليذهب الوهم إلى كل جانب، فيكون التهويل فيه أشد، فيحتمل أن يكون المراد تكوين وقت جمعهم للفوز بالثواب، وأن يكون وقت سؤال الرسل عما أجيبوا به، وسؤال الأمم عما أجابوا هم لقوله تعالى:
{فَلَنَسْأَلَنَّ الذين أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ المرسلين}[الأعراف: ٦] ، وأن يكون وقت مشاهدة الجنة والنار وسائر أحوال القيامة، وقيل:«أقِّتَتْ» أي: أرسلت لأوقات معلومة على ما علمه الله وأراده.
فصل في قراءات الآية
قرأ أبو جعفر وشيبة: بالواو وتخفيف القاف وهو «فعلت» من الوقت، ومنه {كِتَاباً مَّوْقُوتاً}[النساء: ١٠٣] .
وقرئ - أيضاً -: «وُوقتت» - بواوين -، وهو «فوعلت» من الوقت أيضاً مثل: عُوهِدَت.
قال القرطبي: «ولو قلبت الواو في هاتين القراءتين ألفاً لجاز، وقد قرأ يحيى