فأما المسلمُ فيزداد يقيناً وبصيرةً في دينه، وأمَّا الكافر فاستهزاءٌ وسخريةً، وعلى سبيل إيراد الشكوك، والشُّبهاتِ.
قال ابن الخطيب: ويحتملُ أنهم يسألون الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ويقولون: ما هذا الذي تعدنا به من أمر الآخرة؟
قوله:{عَنِ النبإ} يجوز فيه ما جاء في قوله تعالى: {لأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ}[المرسلات: ١٢] في البدليَّة، والتعلُّق بفعلٍ مقدرٍ، ويزيد عليه ها هنا أنَّه يتعلق بالفعل الظاهر، ويتعلق ما قبله بمضمرٍ كما تقدم عن الزمخشري.
وقال ابن عطية: قال أكثر النحاة: «عن النَّبأ العظيم» يتعلق ب «يَتَسَاءَلُونَ» الظاهر كأنه قال: لم يتساءلون عن النبأ، وقوله «عَمَّ» هو استفهام توبيخ وتعظيم.
وقال المهدوي:«هن» ليس تتعلق ب «يَتَسَاءَلُونَ» الذي في التلاوة؛ لأنه كان يلزمُ دخول حرف الاستفهام، فيكون «أعن النبأ العظيم» ؟ كقولك: كم مالك أثلاثون أم أربعون؟ فوجب لما ذكرنا امتناع تعلقه ب «يتساءلون» الذي في التلاوة، وإنما يتعلق ب «يتساءلون» آخر مضمر، وحسُن ذلك لتقدم «يَتَسَاءَلُونَ» .
قال القرطبي:«وذكر بعضهم أن الاستفهام في قوله:» عن «مكرر إلا أنَّه مضمر كأنه قال:» عمَّ يَتَساءَلُون أعنِ النَّبَأ العَظيمِ «، فعلى هذا يكون متصلاً بالآية الأولى، والنبأ العظيم، أي: الخبر الكبير،» الذي هم فيه مختلفون «أي: يخالف فيه بعضهم بعضاً فيصدقُ واحدٌ ويكذبُ آخر» .
قوله:{مُخْتَلِفُونَ} خبر «هم» والجار متعلق ب «هم» ، والموصول يحتمل الحركات الثلاث إتباعاً وقطعاً رفعاً ونصباً.
فصل في المراد بهذا النبأ
قال ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه - «النَّبَأُ» هو القرآن، قال تعالى:{قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ أَنتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ} فالقرآن نبأ وخبر وقصص، وهو نبأ عظيم، وكانوا يختلفون فيه، فجعله بعضهم سحراً، وبعضهم شعراً، وبعضهم قال: أساطيرُ الأولين.
وقال قتادة: هو البعث بعد الموت اختلفوا فمصدِّق ومكذِّب، ويدل عليه قوله تعالى:{إِنَّ يَوْمَ الفصل كَانَ مِيقَاتاً}[النبأ: ١٧] .