قال الضحاك: الأولى للكفار، والثانية للمؤمنين أي: سيعلم الكفار عاقبة تكذيبهم، وسيعلم المؤمنون عاقبة تصديقهم.
وقال القاضي: يحتمل أن يريد بالأول سيعلمون معنى العذاب إذا شاهدوه، وبالثاني: سيعلمون العذاب.
وقيل:{كَلَاّ سَيَعْلَمُونَ} ما الله فاعل بهم يوم القيامة {ثُمَّ كَلَاّ سَيَعْلَمُونَ} أنَّ الأمر ليس كما كانوا يتوهَّمون من أن الله غير باعث لهم.
قوله:{أَلَمْ نَجْعَلِ الأرض مِهَاداً} لمَّا حكى الله - تعالى - عنهم إنكار البعث والحشر، وأراد إقامة الدلائل على صحة الحشر قدم لذلك مقدمة في بيان كونه - تعالى - قادراً على جميع الممكنات عالماً بجميع المعلومات؛ لأنه إذا ثبت هذان الأصلان ثبت القول بصحة البعث، فأثبت هذين الأصلين بأن عدَّد أنواعاً من مخلوقاته المتقنةِ المحكمة؛ فإنَّ هذه الأشياء من جهة حدوثها تدل على القدرة، ومن جهة إحكامها وإتقانها تدل على العلم، وإذا ثبت هذان الأصلان، وثبت أن الأجسام متساوية في قبول الصفات والأعراض ثبت لا محالة كونه قادراً على تخريب الدنيا بسمواتها وكواكبها وأرضها، وعلى إيجاد عالم الآخرة، فهذا وجه النظم.
قوله:«مِهَاداً» . مفعول ثان؛ لأنَّ الجعل بمعنى التصيير، ويجوز ان يكون بمعنى الخلق، فتكون «مِهَاداً» حالاً مقدرة.
وقرأ العامة:«مهاداً» .
ومجاهد وعيسى وبعض الكوفيين «مهداً» ، وتقدمت هاتان القراءتان في سورة «طه» ، وأن الكوفيين قرأوا «مهداً» في «طه» و «الزخرف» فقط، وتقدم الفرق بينهما ثمَّة.
قوله تعالى:{والجبال أَوْتَاداً} ، والكلام عليها كالكلام في «مِهَاداً» في المفعوليَّة والحاليَّة، ولا بُدَّ من تأويلها بمشتق أيضاً، أي مثبتات.
والمهاد: الوطاء، وهو الفراش، لقوله تعالى:{جَعَلَ لَكُمُ الأرض فِرَاشاً}[البقرة: ٢٢] ، ومعنى «مَهْداً» أي: كمهدِ الصَّبي، وهو ما يمهد للصبي فينوّم عليه، و «أوتاداً» أي: لتسكن ولا تميل بأهلها.