للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وشداداً: جمع شديدة، أي: قوية لا يؤثِّر فيها مرور الأزمان لا فطور فيها ولا فروج، ونظيره قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا السمآء سَقْفاً مَّحْفُوظاً} [الأنبياء: ٣٢] .

قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا سِرَاجاً وَهَّاجاً} . أي: وقَّاداً، وهو الشمس، و «جَعَلَ» هنا بمعنى «خلق» ؛ لأنها تعدت لمفعول واحد، والوهَّاج: المُضيء المتلألئ، من قولهم: وهج الجوهر أي: تلألأ.

وقيل: الوهَّاج: الذي له وهج، يقال: وَهَجَ يَوْهَجُ، ك «وَحَلَ يَوحَلُ» ، «ووهَجَ يَهِجُ» ك «وَعَدَ يَعِدُ» وهجاً.

قال ابن عباس: وهَّاجاً: منيراً أي: مُتلألِئاً.

قوله: {وَأَنزَلْنَا مِنَ المعصرات} . يجوز في «من» أن تكون على بابها من ابتداءِ الغاية، وأن تكون للسببية، وتدل على قراءة عبد الله بن زيد وعكرمة وقتادة: «بالمعصرات» بالباء بدل «من» ، وهذا على الخلاف في «المعصرات» ما المراد بها، فعن ابن عباس: أنها السَّحاب، وهو قول سفيان والربيع وأبي العالية والضحاك، أي: السحاب التي تنعصر بالماء، ولم تمطر بعد كالمرأة المُعْصِر التي قد دَنَا حيْضُهَا ولمْ تَحِضْ، يقال: أعْصرتِ السَّحابُ، أي: جاء وقت أن يعصرها الرياح فتمطر، كقولك: أجز الزرع، إذا جاز له أن يجز؛ وأنشد ابن قتيبة أبي النَّجْم: [الرجز]

٥٠٧٠ - تَمْشِي الهُوَيْنَى مَائِلاً خِمارُهَا ... قَدْ أعْصَرتْ وقَدْ دَنَا إعْصَارُهَا

ولولا تأويل «أعْصرَتْ» بذلك لكان ينبغي أن تكون «المُعصَرات» - بفتح الصَّاد - اسم مفعول؛ لأن الرياح تعصرها.

وقال الزمخشري: وقرأ عكرمة: «بالمعصرات» .

وفيه وجهان:

أحدهما: أن تراد الرياح التي حان لها أن تعصر السحاب، وأن تراد السحائب؛ لأنه إذا كان الإنزال منها، فهو بها كما تقول: أعطى من يده درهماً، وأعطى بيده.

وعن ابن عباس ومجاهد: «المعصرات» الرياح ذوات الأعاصيرِ كأنها تعصر السحاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>