وقال ابنُ مَسْعُودٍ: لأن أَخِرَّ من السماء أحبّ إليّ مِنْ أن أقول لشيءٍ قضاه اللهُ: لَيْتَهُ لَمْ يَكُن] .
قال أَبُو بَكْرٍ الرازي: اشتملت الآيةُ الكرِيمَةُ على حُكْمين فَرْضٍ ونَفْل.
أَمَّا الفَرْضُ فهو التَّسْلِيمُ لأمرِ الله تعالى، والرِّضَا بِقَضَائِهِ، والصبرُ على أداءِ فَرَائِضِه، لا يصرف عنها مصائب الدنيا.
وأما النَّفْل فإظهاراً لقولِ: {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} .
[ذكَرُوا من قولِ هذه الكَلِمةِ فَوائِدَ.
منها: الاشتغالُ بهذه الكلمةِ عن كَلَام لا يليق.
ومنها: أنها تُسلّي قلبَ المُصَابِ، وتقلّلُ حُزْنَه.
ومنها: تقطَعُ طمع الشَّيْطَانِ في أَنْ يُوَافِقَهُ في كَلَامٍ لا يَلِيقُ.
ومنها أَنَّهُ إذا سمعه غيرُه اقْتَدَى به.
ومنها: أنه إذا قال بلسَانِه في قَلْبِه الاعتقادَ الحَسَن، فإنَّ الحِسَابَ عند المُصِيبَةِ، فكان هذا القَوْل مذكراً له التَّسْليم لِقَضَاءِ الله وقدره] .
فإن في إظهاره فوائد جزيلة:
مناه أن غيره يقتدي به إذا سمعه.
ومنها غبط الكفار، وعلمهم بجده واجتهاد في دين الله، والثبات عليه وعلى طاعته.
وحكي عن بَعْضِهِم أنه قال: الزهدُ في الدنيا ألاّ يُحِبَّ البقاءَ فِيهَا، وأفضَلُ الأعمالِ الرضا عن الله، ولا ينبَغِي لِلْمُسلِم أن يحزن؛ لأنه يَعْلَمُ أَنَّ لكلِّ مصيبة ثواباً.
قولهُ تعالى: «أُولَئِكَ» مبتدأٌ، و «صَلَوَاتٌ» مبتدأٌ ثان، و «عَلَيْهِمْ» خبرهُ مُقَدَّمٌ عليه، والجملةُ خبر قوله: «أُولَئِكَ» .
ويجوز أن تكون «صلوات» فاعلاً بقوله: «عليهم» .
قال أبو البقاء: لأنه قد قوي بوقوعه خبراً.
والجملة من قوله «أولئك» وما بعده خبر «الذين» على أحد الأوجه المتقدمة، أو لا محلّ لها على غيره من الأوجه.
و «قالوا» هو العامل في «إذا» ؛ لأنه جوابها وتقدم الكلام في ذلك وأنها هل تقتضي التكرار أم لا؟