وقيل: «لا يتكلَّمون» يعني: الملائكة، والروح الذين كانوا صفًّا لا يتكلمون هيبة وإجلالاً إلا من أذن له الرب تعالى في الشفاعة، وهم الذين قالوا صواباً، وأنهم يوحدون الله - تعالى - ويسبِّحونه.
قوله تعالى: {ذَلِكَ اليوم الحق} . «ذلك» إشارة إلى ما تقدَّم ذكره {فَمَن شَآءَ اتخذ إلى رَبِّهِ مَآباً} ، أي: موجباً بالعمل الصالح.
وقال قتادة: «مآباً» سبيلاً.
ثم إنه - تعالى - زاد في تخويف الكفَّار فقال تعالى:
{إِنَّآ أَنذَرْنَاكُمْ عَذَاباً قَرِيباً} يعني العذاب في الآخرة، وسماه قريباً؛ لأن كل ما هو آت قريب. كقوله تعالى: {كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يلبثوا إِلَاّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا} [النازعات: ٤٦] .
وقال قتادة: عقوبة الدنيا؛ لأنه أقرب العذابين.
وقال مقاتل: هي قتل قريش ب «بدر» ، وهذا خطاب لكفَّار قريش، ولمشركي العرب؛ لأنهم قالوا: لا نُبْعَثُ، وإنَّما سمَّاهُ إنذاراً؛ لأنَّه - تعالى - قد خوَّف بهذا الوصف نهاية التخويف، وهو معنى الإنذار.
قوله: {يَوْمَ يَنظُرُ المرء} . يجوز أن يكون بدلاً من «يوم» قبله، وأن يكون منصوباً ب «عذاباً» أي: العذاب واقع في ذلك اليوم.
وجوّز أبو البقاء ان يكون نعتاً ل «قريباً» ولو جعله نعتاً ل «عَذاباً» كان أولى.
والعامَّة: بفتح ميم «المرء» وهي الغالبة، وابن أبي إسحاق: بضمها، وهي لغة يتبعُون اللام الفاء.
وخطَّأ أبو حاتم هذه القراءة، وليس بصواب لثبوتها لغة.
فصل في المراد ب «المرء»
أراد بالمرء: المؤمن في قول الحسن، أي: ليجد لنفسه عملاً، فأمَّا الكافر فلا يجد لنفسه عملاً، فيتمنى أن يكون تراباً، قال: {وَيَقُولُ الكافر} فعلم أنه أراد بالمرء المؤمن، وقيل: المراد هنا أبيُّ بنُ خلفٍ، وعُقبَةُ بنُ أبِي معيط، ويَقول الكافِرُ: أبو جهل.
وقيل: هو عام في كل أحد يرى في ذلك اليوم جزاء ما كسبَتْ.