قال أبو حيان: قوله:» هُو الأصل «يعني:» التنوين «، هو قول قاله غيره.
ثم اختار أبو حيَّان: أن الأصل الإضافة، قال: لأنَّ العمل إنما هو بالشبه، والإضافة أصل في الأسماء، ثم قال: وقوله:» ليس إلا الإضافة «فيه تفصيل وخلاف مذكورفي كتب النحو.
قال شهاب الدين: لا يلزمه أن يذكر إلَاّ محل الوفاق، بل هذان اللذان ذكرهما مذهب جماهير الناس.
فصل في معنى الآية
المعنى: إنَّما أنت مُخوِّف، وخص الإنذار بمن يخشى؛ لأنهم المنتفعون به، وإن كان منذراً لكلِّ مكلَّف، كقوله:{إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ اتبع الذكر وَخشِيَ الرحمن بالغيب}[يس: ١١] .
{لَمْ يلبثوا} في دنياهم، {إِلَاّ عَشِيَّةً} أي: قدر عشيَّةٍ، {أَوْ ضُحَاهَا} أي: أو قدْرَ الضُّحى الذي يلي تلك العَشيَّة، والمراد: تقليل مدة الدنيا، كقوله تعالى:{لَمْ يلبثوا إِلَاّ سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ}[الأحقاف: ٣٥] . وأضاف الضحى إلى العشية إضافة الظرف إلى ضمير الظرف الآخر تجوُّزاً واتِّساعاً. وذكرهما؛ لأنَّهما طرفا النهار، وحسَّن هذه الإضافة وقوع الكلمة فاصلة.
قإن قيل: قوله تعالى: {أَوْ ضُحَاهَا} معناه: ضُحَى العشيَّة، وهذا غيرر معقولٍ؛ لأنَّه ليس للعشيَّة ضُحى؟ .
فالجواب: قال ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما: الهاء والألف صلة للكلام، يريد: لم يلبثوا إلا عشية أو ضحى.
وقال الفرَّاء والزجاجُ: المرادُ بإضافة الضُّحى إلى العشية على عادة العرب، يقولون: آتيك الغداة أو عشيها، وآتيك العشية أوغداتها، فتكون العشية في معنى: آخر النهار، والغداة في معنى: أول النهار؛ وأنشد بعض بني عقيل:[الرجز]