وجواب «إذا» محذوف، يدل عليه قوله:«لكُلِّ امرئٍ مِنهُمْ يومئذٍ شأنٌ يُغنِيهِ» . والتقدير: فإذا جاءت الصاخة اشتغل كل أحد بنفسه.
فصل في تعلق الآية
لما ذكر أمر المعاش ذكر أمر المعاد ليتزودوا له بالأعمال الصالحة، والإنفاق مما امتن به عليهم.
وقال ابنُ الخطيب: لمَّا ذكر تعالى هذه الأشياء، وكان المقصود منها أمور ثلاثة:
أولها: الدلائل الدالة على التوحيد.
وثانيها: الدلائل الدالة على القدرة والمعاد.
وثالثها: أن هذا الإله الذي أحسن إلى عبيده بهذه الأنواع العظيمة من الإحسان، لا يليق بالعاقل أن يتمرَّد عن طاعته، وأن يتكبَّر على عبيده أتبع ذلك بما يكون كالمؤكِّد لهذه الأغراض، وهو شرح [أهوالِ الآخرةِ] ، فإن الإنسان إذا سمعها خاف، فيدعوه ذلك الخوف إلى التأمل في الدلائل، والإيمان بها، والإعراض عن الكفر، ويدعوه أيضاً إلى ترك التكبُّر على الناس، وإلى إظهار التواضع فقال تعالى:{فَإِذَا جَآءَتِ الصآخة} يعني: صيحة القيامةِ، وهي النفخة الأخيرةُ، تصخُّ الأسماع أي: تصمُّها، فلا تسمع إلا ما يدعى به الأحياء.
قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ:«مَا مِنْ دَابَّةٍ إلا وهِيَ مُصِيخَةٌ يوْمَ الجُمعَةِ شفقاً مِنَ السَّاعَةِ إلَاّ الجنِّ والإنسَ» .
قوله:{يَوْمَ يَفِرُّ المرء} بدل من «إذا» ، ولا يجوز أن يكون «يغنيه» عاملاً، في «إذا» ، ولا في «يوم» ؛ لأنه صفة ل «شأن» ولا يتقدم معمول الصِّفة على موصوفها.