وقرأ الحسن وابن ميمون: «حُشِّرت» بتشديد الشين.
ومعنى الآية: أي: أنَّ الوحوش إذا كانت هذه حالها فكيف ببني آدم؟ .
وقيل: أي: أنَّها مع نفرتها اليوم من النَّاس، وتبددها في الصحاري، تنضمّ غداً إلى الناس من أهوال ذلك اليوم؛ قاله أبي بن كعب.
قوله تعالى: {وَإِذَا البحار سُجِّرَتْ} .
قرأ ابن كثيرٍ وأبو عمروٍ: «سُجِرتْ» بتخفيف الجيم.
والباقون: بتثقيلها على المبالغة والتنكير.
والمعنى: مُلئتْ من الماء، والعرب تقول: سجرتُ الحوضَ أسجره سجراً إذا ملأتهُ، وهو مسجورٌ، والمسجورُ والسَّاجرُ في اللغة: المَلآن.
وروى الربيع بن خيثمٍ: «سُجِّرَت» : فاضت وملئت، قال تعالى: {وَإِذَا البحار فُجِّرَتْ} [الانفطار: ٣] .
وقال الحسن: اختلطت وصارت شيئاً واحداً.
وقيل: أرسل عذبها على مالحها، ومالحها على عذبها حتى امتلأت.
وقال القشيريُّ: يرفع الله الحاجز الذي ذكره - تعالى - في قوله: {بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَاّ يَبْغِيَانِ} [الرحمن: ٢٠] ، فإذا رفع ذلك البرزج تفجَّرت مياه البحار، فعمَّت الأرض كلَّها، وصارت بحراً واحداً.
وعن الحسن وقتادة وابن حيان: تيبس، فلا يبقى من مائها قطرةٌ.
قال القشيريُّ: وهو من سجرتُ التنور أسجره سجراً: إذا أحميته، وإذا سلط عليه الإيقاد نشف ما فيه من الرُّطوبة، وتقدم اشتقاق هذه المادة.
قال القفالُ: وهذا التأويل يحتمل وجوهاً:
الأول: أن تكون جهنم في قعر البحار، فهي الآن غير مسجرة بقوام الدنيا، فإذا انتهت مدة الدنيا أوصل الله تعالى تأثير ذلك النِّيران إلى البِحَار، فصارت مسجورة