وقيل: كان الرجل إذا ولدت له بنت فأراد إبقاء حياتها ألبسها جُبَّة من صوفٍ، أو شعرٍ، ترعى له الإبل والغنم في البادية، وإذا أراد قتلها تركها حتى إذا بلغت قامتُها ستة أشبار فيقول لأمّها: طيِّبيها، وزيَّنيها حتى أذهب بها إلى أقاربها [وقد حفر لها بئراً الصحراء] ، فيذهب بها إلى البئر، فيقول لها: انظري فيها، ثم يدفعها من خلفها، ويهيل عليها التراب حتى تستوي البئر بالأرض.
وكان صعصعة بن ناجية ممن يمنع الوأد؛ فافتخر الفرزدق به في قوله:[المتقارب]
رُوَيَ «أنَّ قيس بن عاصم جاء إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، فقال: يا رسول الله: إنِّي وأدتُ ثماني بنات كُنَّ لي في الجاهليَّة، قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ:» فأعْتِقْ عن كُلِّ واحدةٍ منهُنَّ رقبةٌ «، قال: يا رسول الله إنِّي صاحبُ إبل، قال عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ:» فأهْدِ عَن كُلِّ واحدةٍ مِنْهُنَّ بدنَةً إنْ شِئْتَ «» .
واعلم أنَّ سؤال الموءودة سؤالُ توبيخ لقاتلها، كما يقال للطفل إذا ضرب: لِمَ ضُربتَ، وما ذنْبُكَ؟ .
قال الحسنُ: أراد الله توبيخ قاتلها؛ لأنها قتلت بغير ذنبٍ.
وقال أبنُ أسلمُ: بأي ذنب ضربتْ، وكانوا يضربونها.
وقيل في قوله تعالى:{سُئِلَتْ} معناه: طُلبتْ، كأنه يريد كما يطلب بدم القتيل، وهو كقوله تعالى:{وَكَانَ عَهْدُ الله مَسْئُولاً}[الأحزاب: ١٥] أي: مطلوباً، فكأنها طلبت منهم، فقيل: أين أولادكم؟ .
وروي عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قال:«إنَّ المَرْأةَ الَّتي تَقْتلُ ولدهَا تَأتِي يَوْمَ القِيَامَةِ مُتعلِّقٌ ولدُهَا بِثَدْيَيِْهَا، مُلطَّخاً بدمَائِهِ، فيقُولُ: يا ربِّ، هذهِ أمِّي، [وهذه] قَتلتْنِي» .