للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

أحدهما: كونُهُ يَدَّعِي إدْغَامَ الثَّاني في الأوَّل، وذلك لا نَظِيرَ له، إنَّمَا يُدْغَمْ الأَوَّل في الثَّاني.

والثاني: قوله: كَمَا جَاءَ في «مُدَّكر» ؛ لأنَّه كان يَنْبَغِي على قوله: أن يُقَالَ: «مُذَّكر» بالذَّال المُعَجَمة، لا الدَّال المهملة [وهذه لغةَ رَدِيئةٌ، إنَّما اللُّغة الجيِّدة بالمهملة؛ لأنَّا قَلَبْنَا تَاءَ الافتعالِ بَعَدَ الذَّال المعجمةِ دَالاً مهملةً] ، فاجتمع متقاربَان، فقلَبْنَا أوَّلَهُما لجنْسِ الثَّاني، وأدغَمْنَا، وسيأتي تحقيقُ ذلك.

ومصدر «أطَّافَ» على «الأطِّيَافِ» بوزن «الافْتِعَالِ» ، والأصلُ «اطِّوَافِ» فكسر ما قبل الواو، فقُلِبَتْ ياءً، وإنَّمَا عادَتِ الواوُ إلى أصْلها؛ لزوالِ مُوجِبِ قَلْبها ألفاً؛ ويوضِّح ذلك قولهم: اعْتَادَ اعْتِيَاداً والأصل: «اعْتِوَادٌ» ففُعِلَ به ما ذكرتُ [لك] :

قوله تعالى: { «وَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً» قرأ حَمْزَةُ والكِسَائيُّ «يَطَّوَّعْ» هنا وفي الآية الَّتي بعدها بالياء وجزم العين فعلاً مضارعاً.

قال ابن الخَطِيبِ - رَحِمَهُ اللهُ -: وهذا أحْسَنُ أيضاً؛ لأنَّ المعنى على الاسْتقْبَال والشرط، والجزاء، والأحْسَنُ فيهما الاستقبال، وإن كان يَجُوز أن يقال: «مَنْ أتَانِي أَكْرَمْتُهُ» .

وقراها الباقُونَ بالتاء فعلاً ماضياً، فأما قراة حَمْزَة، فتكون «مَنْ» شرطيَّةً، فتعمل الجَزْمَ، وافق يَعْقُوبُ في الأُوْلَى، وأصل «يَطَّوَّعُ» «يَتَطَوَّعُ» فأدغمَ على ما تقدَّم في «تَطَوَّفَ» ، و «مَنْ» في محل رفع بالابتداء، والخَبَر فعْلُ الشَّرْطِ؛ على ما هو الصحيح كما تقدَّم تحقيقُهُ.

وقوله: «فإنَّ الله» جملةٌ في محلِّ جَزْمٍ، لأنَّها جوابُ الشَّرط، ولا بُدَّ مِن عائِد مقدَّر، أي: فإنَّ الله شاكِرٌ له.

فصل

قال أبو البَقَاءِ: وإذا جُعِلَتْ «مَنْ» شَرْطاً، لم يَكُنْ في الكلام حَذْفُ ضمير؛ لأنَّ ضمير «مَنْ» في «تَطَوَّعَ» وهذا يخالفُ ما تقدَّم عن النُّحَاةِ؛ من أنَّ إذَا كَانَ أدَاةُ الشَّرطِ اسماً، لَزِمَ أن يكون في الجواب ضميرٌ يَعُودُ عليه، وتقدَّم تحقيقه.

وأما قراءةُ الجُمْهُور، فتحملُ وجْهَيْن:

<<  <  ج: ص:  >  >>