قال ابن الخطيب: إنهم ينظرون إلى ربهم بدليل قوله تعالى: {تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النعيم} .
قوله تعالى: {تَعْرِفُ} . العامة: على إسناد الفعل إلى المخاطب، أي: تعرف أنت يا محمد، أو كل من صح منه المعرفة.
وقرأ أبو جعفر وابن أبي إسحاق وشيبة وطلحة ويعقوب والزعفراني: «تُعْرَفُ» مبنياً للمفعول، و «نضرةُ» : بالرفع على قيامها مقام الفاعل.
وعلي بن زيد: كذلك إلا أنه بالياء أسفل؛ لأن التأنيث مجازي.
والمعنى: إذا رأيتهم عرفت أنَّهم من أهل النَّعيم مما ترى في وجوههم من النور والحسن والبياض.
وقال الحسن: النضرةُ في الوجه والسُّرور في القلب.
قوله تعالى: {يُسْقَوْنَ مِن رَّحِيقٍ} .
قال الليث: الرَّحيقُ: الخمر.
وقيل: الخمر الصافية الطيبة.
وقال مقاتل: الخمر البيضاء.
وقال ابنُ الخطيب: لعله الخمر الموصوف بقوله تعالى: {لَا فِيهَا غَوْلٌ} [الصافات: ٤٧] .
قوله: «مختوم» ، أي: ختم ومنع أن تمسَّهُ يد إلى أن يفكّ ختم الأبرار.
قال القفال: يحتملُ أن يكون ختم عليه تكريماً له بالصيانة على ما جرت به العادة من ختم ما يكرم ويصان، وهناك خمر أخرى تجري أنهاراً، لقوله: {وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ} [محمد: ١٥] ، إلَاّ أنَّ هذا المختوم أشرف من الجاري.
وقال أبو عبيدة والمبرد والزجاج: «المختوم» : الذي له ختام أي: عاقبة.
وروى عبد الله بن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه -: المختوم أشرف من الجاري الممزوج ختامه، أي: طعمه وعاقبته مسكٌ، وختم كلِّ شيء: الفراغ منه، ومنه يقال: ختمتُ