ونقل القرطبي عن المبردِ، إنَّه قال: فيه تقديمٌ وتأخير، أي: يا أيُّها الإنسان إنَّك كادح إلى ربك كدحاً فملاقيه إذا السماء انشقت.
وقيل: هو ما صرَّح به في سورتي «التَّكوير» و «الانفطار» ، وهو قوله تعالى: {عَلِمَتْ نَفْسٌ} [الانفطار: ٥] ، قاله الزمخشري، وهو حسنٌ.
ونقل ابن الخطيب عن الكسائيِّ، أنه قال: إنَّ الجواب هو قوله: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ} [الانشقاق: ٧] ، واعترض في الكلام على قوله: {يا أيها الإنسان إِنَّكَ كَادِحٌ إلى رَبِّكَ كَدْحاً} [الانشقاق: ٦] .
والمعنى: إذا انشقت السماء وكان كذا وكذا فمن أوتي كتابه بيمنه فهو كذا ومن أوتي كتابه وراء ظهره فهو كذا ونظيره قوله تعالى: {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ} [البقرة: ٣٨] .
قال النحاسُ: وهذا أصحُّ ما قيل فيه وأحسنه.
وعلى الاحتمال الثاني: فيه وجهان:
أحدهما: أنَّها منصوبة مفعولاً بها بإضمار «واذْكُرْ» .
والثاني: أنها مبتدأ، وخبرها «إذَا» الثانية، و «الواو» مزيدة، تقديره: وقت انشقاق السماء وقت مدّ الأرض، أي: يقع الأمران في وقت. قاله الأخفش أيضاً.
والعامل فيها إذا كانت ظرفاً - عند الجمهور - جوابها، إمَّا الملفوظ به، وإمَّا المقدَّر.
وقال مكيٌّ: وقيل: العامل «انشقت» .
وقال ابن عطية: قال بعض النحاة: العامل «انشقت» وأبي ذلك كثير من أئمتهم؛ لأن «إذا» مضافة إلى «انشقت» ، ومن يجيز ذلك تضعف عنده الإضافة، ويقوى معنى الجزاء.
وقرأ العامة: «انشقتْ» بتاء التأنيث ساكنة، وكذلك ما بعده.
وقرأ أبو عمرو في رواية عبيد بن عقيل: بإشمام الكسر في الوقف خاصة، وفي الوصل خاصة بالسكون المحض.
قال أبو الفضلِ: وهذا من التغييرات التي تلحق الروي في القوافي، وفي هذا